الحكم بانتفاء شرطه.
ومن هنا فصّل شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (١) بين ما كان الحكم في الجزاء مستفاداً من المادة كقوله عليهالسلام : « إذا زالت الشمس وجبت الصلاة والطهور » وما كان مستفاداً من الهيئة كقولنا : إن جاءك زيد فأكرمه ، حيث إنّه قدسسره التزم بدلالة القضية الشرطية على المفهوم في الأوّل دون الثاني بملاك أنّ الحكم في الأوّل كلي وفي الثاني جزئي.
وقد اجيب عن هذا الاشكال بوجوه عديدة ، ولكن بما أنّ تلك الوجوه بأجمعها مبنية على أساس وجهة نظر المشهور في باب الانشاء فلا يجدينا شيء منها ، لما تقدم من فساد هذه النظرية ، فعليه لسنا بحاجة إلى بيان تلك الوجوه والمناقشة فيها.
وأمّا على ضوء نظريتنا في باب الانشاء فلا مجال لهذا الاشكال أبداً ، وذلك لما ذكرناه غير مرة من أنّه لا واقع موضوعي للوجوب والثبوت ما عدا اعتبار المولى الفعل على ذمة المكلف وإبرازه في الخارج بمبرزٍ مّا ، ومن الطبيعي أنّه لا يفرق في المبرز بين القول والفعل ، كما أنّه لا يفرق في القول بين الهيئة والمادة ، ضرورة أنّ العبرة إنّما هي بالاعتبار النفساني ، ومن المعلوم أنّه لا يختلف باختلاف المبرز والكاشف ، كيف حيث إنّه لا شأن له ما عدا ذلك ، وعلى هذا فالمولى مرّةً يعتبر الفعل على ذمة المكلف على نحو الاطلاق ومرّةً اخرى يعتبره على تقدير خاص دون آخر كاعتبار الصلاة والطهارة على ذمة المكلف على تقدير زوال الشمس لا مطلقاً ، واعتبار الحج على تقدير الاستطاعة ، وهكذا.
فاذا كان الاعتبار قابلاً للاطلاق والتقييد فالقضية الشرطية بمنطوقها تدل
__________________
(١) [ لاحظ مطارح الأنظار : ١٧٣ فانّه صرّح بعدم التفصيل ].