وأمّا الوجه الثاني : وهو أن يكون الشرط عنوان أحدهما في الحقيقة ، فقد ذكر المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّ العقل يعيّن هذا الوجه وأفاد في وجه ذلك ما توضيحه هذا : أنّ الامور المتباينة المتعددة بما هي كذلك لا يعقل أن تؤثر أثراً واحداً ، وذلك لاستحالة صدور الواحد عن الكثير بما هو كثير ، لاستلزام ذلك اجتماع علل مستقلة على معلول واحد وهو محال ، وقد تقدم بيان ذلك بشكل موسّع في ضمن بحوث الجبر والتفويض ، وحيث إنّ المعلول في المقام واحد وهو وجوب القصر ، فلا يعقل أن يكون المؤثر فيه الشرطين المذكورين في القضيتين على نحو الاستقلال ، وإلاّ لزم تأثير الكثير في الواحد وهو مستحيل. فاذن بطبيعة الحال يكون الشرط هو الجامع بينهما بقانون أنّ وحدة الأثر تكشف عن وحدة المؤثر ، وعليه فلا بدّ من الالتزام بهذا الوجه وإن كان مخالفاً لما هو المرتكز في أذهان العرف من أنّ كل واحد منهما بعنوانه الخاص وإطاره المخصوص شرط ومؤثر فيه ، إلاّ أنّ هذا الارتكاز العرفي إنّما يكون متبعاً فيما أمكن الالتزام به ، لا في مثل المقام حيث قد عرفت استحالة كون كل منهما بعنوانه الخاص شرطاً ومؤثراً. ثمّ بعد ذلك ذكر بقوله : وأمّا رفع اليد عن المفهوم في خصوص أحد الشرطين وبقاء الآخر على مفهومه فلا وجه لأن يصار إليه إلاّبدليل آخر ، إلاّ أن يكون ما ابقي على المفهوم أظهر.
ولنأخذ بالنقد على ما أفاده قدسسره.
أمّا ما أفاده من أنّ قاعدة الواحد لايصدر إلاّمن الواحد ويستحيل صدوره عن الكثير فيرد عليه :
أوّلاً : ما ذكرناه غير مرّة من أنّ هذه القاعدة إنّما تتم في الواحد الشخصي
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٠١ لكن قوله : وأمّا رفع ... لا توجد في طبعة المؤسّسة.