وبكلمة اخرى : أنّ ظاهر هذا التركيب كمثل قولنا : لا أقرأ القرآن إلاّمع الطهارة ولا أزور الحسين عليهالسلام إلاّحافياً ونحو ذلك ، هو أنّ خبر « لا » المقدّر فيه موجود لا ممكن. فالنتيجة : أنّه لا يمكن الاعتماد على شيء من هذه الوجوه ولا واقع موضوعي لها أصلاً.
فالصحيح في المقام أن يقال : إنّ المتفاهم العرفي من مثل هذا التركيب هو أنّ مردّه إلى قضيتين : ايجابية وسلبية ، مثلاً قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّ بطهور » ينحل إلى قولنا : إنّ الصلاة لا تتحقق بدون الطهارة وإذا تحققت فلا محالة تكون مع الطهارة ، وكذا قولنا : لا آكل الطعام إلاّمع الملح ، فانّه ينحل إلى قولنا : إنّ الأكل لا يتحقق بدون ملح ، وأ نّه متى تحقق تحقق مع ملح ، وليس [ معنى ] قوله عليهالسلام : « لا صلاة إلاّبطهور » أنّ الطهور متى تحقق تحققت الصلاة ، وكذا قولنا : لا آكل الطعام إلاّمع الملح ، ليس معناه أنّ الملح متى تحقق تحقق الأكل ، ومنه قولنا : لا اطالع الكتب إلاّكتب الفقيه ، فانّ معناه ليس أنّه متى تحقق كتب الفقيه تحققت المطالعة. ولا فرق في ذلك بين أن تكون الجملة في مقام الاخبار أو الانشاء ، كما أنّ المتبادر من جملة : « لا صلاة إلاّبطهور » هو أنّها مسوقة لانشاء شرطية الطهور للصلاة. وعلى الجملة : فلا شبهة في أنّ المتفاهم عرفاً من أمثال هذه التراكيب ما ذكرناه دون ما توهمه أبو حنيفة.
ومن ضوء هذا البيان يظهر حال كلمة التوحيد ، فانّ دلالتها عليه بمقتضى فهم العرف وارتكازهم ، ولا وجه لما عن المحقق صاحب الكفاية قدسسره من أنّ دلالتها على التوحيد كانت بقرينة الحال أو المقال ، والسبب فيه ما عرفت من أنّ الناس يفهمون منها التوحيد بمقتضى ارتكازهم بلا حاجة إلى قرينة من حال أو مقال.
ولكن قد يستشكل في دلالتها على التوحيد بأنّ خبر « لا » بما أنّه مقدّر في