وفي الثاني واحد في مقامي الاثبات والثبوت باعتبار أنّ المتكلم قد جعل المجموع من حيث المجموع موضوعاً واحداً بحيث يكون كل فرد جزء الموضوع لا تمامه.
وفي الثالث أيضاً كذلك ، حيث إنّ الحكم فيه تعلق بصرف وجود الطبيعة السارية إلى جميع أفرادها كقولنا مثلاً : أكرم أيّ رجل شئت ، والمفروض أنّ صرف الوجود غير قابل للتعدد ، وعليه فلا محالة يكون الحكم المتعلق به واحداً.
الرابعة : ما هو منشأ هذا التقسيم ، ذكر صاحب الكفاية قدسسره (١) أنّ منشأه إنّما هو اختلاف كيفية تعلق الحكم بالعام ، حيث إنّه يتعلق به تارةً على نحو يكون كل فردٍ موضوعاً على حدة للحكم ، واخرى يكون الجميع موضوعاً واحداً بحيث يكون كل فردٍ جزء الموضوع لاتمامه ، وثالثةً يكون كل فردٍ موضوعاً على البدل.
وفيه : أنّ الأمر ليس كذلك ، والسبب فيه : هو أنّ المولى في مرحلة جعل الحكم إذا لم يلاحظ الطبيعة بما هي مع قطع النظر عن أفرادها ، أي من دون لحاظ فنائها فيها ، ولم يجعل الحكم عليها كذلك كما هو الحال في القضية الطبيعية كقولنا : الانسان نوع والحيوان جنس وما شاكلهما التي لا صلة لها بالعام والخاص ، فبطبيعة الحال تارةً يلاحظ الطبيعة فانية في أفرادها على نحو الوحدة في الكثرة ، يعني يلاحظ الأفراد الكثيرة واقعاً وحقيقةً في ضمن مفهوم واحد وطبيعة فاردة ويجعل الحكم على الأفراد فيكون كل واحد منها موضوعاً مستقلاً.
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢١٦.