الاضطرار إلى ارتكاب المحرّم
لتمييز موضع البحث هنا عن المباحث المتقدمة ينبغي أن نشير إلى عدّة نقاط :
الاولى : ما إذا كان المكلف متمكناً من امتثال الواجب في الخارج بدون ارتكاب الحرام ، ولكنّه باختياره ارتكب المحرّم وأتى بالواجب في ضمنه ، وذلك كمن كان قادراً على الاتيان بالصلاة مثلاً في خارج الأرض المغصوبة وغير ملزم بالدخول فيها ، ولكنه باختياره دخل فيها وصلّى ، فعندئذ يقع الكلام في صحة هذه الصلاة وفسادها من ناحية أنّها هل تتحد مع المحرّم خارجاً في مورد الاجتماع أم لا؟ وهذه النقطة هي محل البحث في مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وقد تقدّم الكلام فيها بشكل واضح (١).
الثانية : ما إذا كان المكلف غير متمكن من امتثال الواجب بدون ارتكاب الحرام لعدم المندوحة له ، ولكنّه قادر على ترك الحرام ، وذلك كما إذا توقف الوضوء أو الغسل مثلاً على التصرف في أرض الغير ، بأن يكون الماء في مكان يتوقف التوضؤ أو الاغتسال به على التصرف فيها ، فيدور عندئذ أمر المكلف بين أن يترك الواجب أو يرتكب المحرم أو يتخير بينهما ، لعدم تمكنه من امتثال كليهما معاً ، وهذه النقطة هي التي تدور عليها بحث التزاحم ، وقد تقدّم الكلام فيها بصورة مفصّلة (٢).
الثالثة : ما إذا كان المكلف غير متمكن من ترك الحرام ومضطراً إلى ارتكابه ،
__________________
(١) راجع المجلد الثالث من هذا الكتاب ص ٤١٥ ، ثمرة مسألة الاجتماع.
(٢) راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب ص ٥١٠ ، ٥١٥ ، وكذا مجلد ٣ : ٥٠٩.