مراداً عن جد ، ولا يلزم حينئذ أن تكون تلك الارادة إرادة هزلية ، ضرورة أنّه لا ملازمة بين عدم كون الارادة جدية وكونها هزلية ، فانّ إرادة الاستعمال والتفهيم إرادة حقيقية وليست بهزلية وناشئة عن داعٍ من الدواعي ولم يكن ذلك الداعي الارادة الجدية ، وقد عرفت ما هو الداعي لهذه الارادة وما هو الفائدة المترتبة عليها ، ومع هذا كيف تكون هزلية.
ومنها : ما قيل من أنّ تخصيص العام لا يستلزم عدم إرادة العموم منه ، لامكان أن يراد العموم من العام المخصص إرادة تمهيدية ليكون ذكر العام توطئةً لبيان مخصصه ، وحيث إنّ العموم يكون مراداً من اللفظ فبطبيعة الحال يكون اللفظ مستعملاً في معناه الحقيقي.
وأورد عليه شيخنا الاستاذ قدسسره (١) بما حاصله : أنّ ذكر العام للدلالة على معناه الموضوع له دلالة تصورية توطئةً للدلالة التصديقية على المعنى المستفاد من مجموع الكلام بعد ضم بعضه إلى بعضه الآخر وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّه لا ينطبق إلاّفي موارد التخصيص بالمتصل ، فتبقى موارد التخصيص بالمنفصل بلا دليل ، على أنّ التخصيص فيها لا يستلزم المجاز.
وفيه : أنّ ما أفاده قدسسره خلاف ظاهر هذا الوجه ، فانّ الظاهر من إرادة العموم من العام إرادة تمهيدية هو أنّ العام قد استعمل فيه واريد منه هذا المعنى بالارادة المقوّمة للاستعمال يعني الارادة التفهيمية ، والتعبير عنها بالارادة التمهيدية نظراً إلى أنّ ذكر العام تمهيد وتوطئة لذكر مخصصه بعده. وكيف كان فالظاهر أنّ مردّ هذا الوجه إلى ما ذكرناه وليس وجهاً آخر في قباله.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٢.