ومنها : أنّ العام إنّما يستعمل في العموم دائماً من باب جعل القانون والقاعدة في ظرف الشك فلا ينافيه ورود التخصيص عليه بعد ذلك.
وأورد عليه شيخنا الاستاذ قدسسره (١) أيضاً بأنّ ورود العام في بعض الموارد لبيان حكم الشك ضرباً للقاعدة وإن كان مما لاينكر كما في الاستصحاب وقاعدة الطهارة ونحوهما ، إلاّ أنّ التخصيص في هذه الموارد قليل جداً ، حيث إنّ تقدم شيء عليها غالباً يكون بنحو الحكومة أو الورود ، وأمّا العمومات المتكفلة لبيان الأحكام الواقعية للأشياء بعناوينها الأوّلية من دون نظر إلى حال الشك وعدمه ، فلا يكون عمل أهل العرف بها حال الشك كاشفاً عن كونها واردةً في مقام جعل القانون والقاعدة ، حيث إنّ عملهم بها حال الشك في ورود التخصيص عليها إنّما هو من باب العمل بالظهور الكاشف عن كون الظاهر مراداً واقعاً وعن أنّ المتكلم ألقى كلامه بياناً لما أراده في الواقع ، وعليه فلا يعقل كون هذه العمومات واردة لضرب القانون والقاعدة في ظرف الشك كما هو ظاهر.
وفيه : أنّ الظاهر من هذا الوجه ليس هو جعل الحكم على العام في ظرف الشك ليرد عليه ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره ، بل الظاهر منه أنّ الداعي إلى استعمال العام في معناه الموضوع له قانوناً وقاعدةً إنّما هو كون العام بياناً للمراد ما لم يكن هناك قرينة على التخصيص ، ففي كل مورد شك في التخصيص فيه فالمرجع هو عموم العام. فالنتيجة أنّ هذا الوجه أيضاً يرجع إلى ما ذكرناه فليس وجهاً على حدة.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٠٢.