واستلزام الثاني المخالفة القطعية العملية ، فالمرجع فيه لا محالة هو أصالة التخيير. فالنتيجة أنّهما يشتركان في الأصل اللفظي ويفترقان في الأصل العملي.
وأمّا الثاني : وهو ما إذا كان المخصص المجمل المذكور منفصلاً فهو وإن لم يوجب إجمال العام حقيقةً حيث قد انعقد له الظهور في العموم ومن الطبيعي أنّ الشيء لا ينقلب عما هو عليه ، إلاّ أنّه يوجب إجماله حكماً ، مثلاً لو قال المولى : أكرم كل عالم ثمّ قال : لا تكرم زيداً وفرضنا أنّ زيداً دار أمره بين زيد بن عمرو وزيد بن خالد ، فهذا المخصص المنفصل كغيره وإن لم يكن مانعاً عن ظهور العام في العموم لما عرفت ، إلاّ أنّه لا يمكن التمسك بأصالة العموم في المقام ، لأنّ التمسك بها بالاضافة إلى كليهما لا يمكن ، لأنّ العلم الاجمالي بخروج أحدهما عنه أوجب سقوطها عن الحجية والاعتبار فلا تكون كاشفةً عن الواقع بعد هذا العلم الاجمالي ، وأمّا بالاضافة إلى أحدهما المعيّن دون الآخر ترجيح من دون مرجح ، وأحدهما لا بعينه ليس فرداً ثالثاً على الفرض. فالنتيجة أنّ العام في المقام في حكم المجمل وإن لم يكن مجملاً حقيقةً.
وأمّا الكلام في البحث الثالث : وهو ما إذا كان الشك في التخصيص من ناحية الشبهة الموضوعية ، فيقع في جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية وعدم جوازه. الصحيح هو عدم جوازه مطلقاً ، أي سواء أكان المخصص متصلاً أم كان منفصلاً.
أمّا في الأوّل : فلا شبهة في عدم جواز التمسك به في الشبهة المصداقية ، ولا خلاف فيه بين الأصحاب ، ولا فرق فيه بين أن يكون المخصص المتصل بأداة الاستثناء كقولنا : أكرم العلماء إلاّ الفسّاق منهم ، أو بغيرها كالوصف أو نحوه كقولنا : أكرم كل عالم تقي وشككنا في أنّ زيداً العالم هل هو فاسق أو هو تقي أو ليس بتقي ، ففي مثل ذلك لا يمكن التمسك بأصالة العموم لاحراز أنّه ليس