ثمّ إنّ شيخنا العلاّمة الأنصاري قدسسره (١) قد فصّل في المقام بين ما كان المخصص لفظياً وما كان لبياً ، فعلى الأوّل لا يجوز التمسك بالعام في الشبهات المصداقية دون الثاني ، وتبعه في ذلك المحقق صاحب الكفاية قدسسره وقال في وجهه ما إليك نصه :
وأمّا إذا كان ـ المخصص ـ لبياً ، فان كان مما يصح أن يتكل عليه المتكلم إذا كان بصدد البيان في مقام التخاطب فهو كالمتصل ، حيث لا يكاد ينعقد معه ظهور للعام إلاّفي الخصوص ، وإن لم يكن كذلك فالظاهر بقاء العام في المصداق المشتبه على حجيته كظهوره فيه ، والسر في ذلك : أنّ الكلام الملقى من السيد حجةً ليس إلاّما اشتمل على العام الكاشف بظهوره عن إرادته للعموم فلا بدّ من اتباعه ما لم يقطع بخلافه ، مثلاً إذا قال المولى أكرم جيراني وقطع بأ نّه لا يريد إكرام من كان عدوّاً له منهم ، كان أصالة العموم باقيةً على الحجية بالنسبة إلى من لم يعلم بخروجه عن عموم الكلام للعلم بعداوته ، لعدم حجة اخرى بدون ذلك على خلافه ، بخلاف ما إذا كان المخصص لفظياً ، فانّ قضية تقديمه عليه هو كون الملقى إليه كأ نّه كان من رأس لا يعم الخاص ، كما كان كذلك حقيقةً فيما كان الخاص متصلاً ، والقطع بعدم إرادة العدوّ لا يوجب انقطاع حجيته إلاّفيما قطع أنّه عدوّه لا فيما شك فيه ، كما يظهر صدق هذا من صحة مؤاخذة المولى لو لم يكرم واحداً من جيرانه لاحتمال عداوته له وحسن عقوبته على مخالفته ، وعدم صحة الاعتذار عنه بمجرد احتمال العداوة كما لا يخفى على من راجع الطريقة المعروفة والسيرة المستمرة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك حجية أصالة الظهور.
__________________
(١) مطارح الأنظار : ١٩٤.