وكذا الحال في المثال الذي جاء به صاحب الكفاية قدسسره (١) وهو ما إذا شك في المرأة أنّها قرشية أو لا ، فلا مانع من الرجوع إلى استصحاب عدم اتصافها بالقرشية وعدم انتسابها بها ، حيث إنّ في زمان لم تكن هذه المرأة ولا اتصافها بالقرشية ثمّ وجدت المرأة فنشك في انتسابها إلى قريش فلا مانع من استصحاب عدم انتسابها إليه ، وبضم هذا الاستصحاب إلى الوجدان. يثبت أنّ هذه مرأة لم تكن قرشية ، والأوّل بالوجدان والثاني بالأصل ، فتدخل في موضوع العام.
ولكن أنكر ذلك شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) وقال بأنّ الاستصحاب لا يجري في العدم الأزلي ، واستدل على ذلك بعدّة مقدّمات :
الاولى : أنّ التخصيص سواء أكان بالمتصل أو بالمنفصل وسواء أكان استثناءً أو غيره إنّما يوجب تقييد موضوع العام بغير عنوان المخصص ، فاذا كان المخصص أمراً وجودياً كان الباقي تحت العام معنوناً بعنوان عدمي. وإن كان المخصص أمراً عدمياً كان الباقي تحته معنوناً بعنوان وجودي ، والوجه فيه هو ما تقدم من أنّ موضوع كل حكم أو متعلقه بالنسبة إلى كل خصوصية يمكن أن ينقسم باعتبار وجودها وعدمها إلى قسمين مع قطع النظر عن ثبوت الحكم له ، ولا بدّ من أن يؤخذ في مقام الحكم عليه إمّا مطلقاً بالاضافة إلى وجودها وعدمها فيكون من الماهية اللا بشرط القسمي ، أو مقيداً بوجودها فيكون من الماهية بشرط شيء ، أو مقيداً بعدمها فيكون من الماهية بشرط لا ، لأنّ الاهمال في الواقع في موارد التقسيمات الأوّلية مستحيل.
مثلاً العالم في نفسه ينقسم إلى العادل والفاسق مع قطع النظر عن ثبوت
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٢٣.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٣٢٩ ـ ٣٣٧.