ذلك فامّا أن نجعل هذه الأدلة مخصصةً لما دلّ على اشتراط صحة النذر برجحان متعلقه ، وإمّا أن نقول بكفاية الرجحان الناشئ من قبل النذر في صحته كما التزم بذلك السيد الطباطبائي قدسسره في العروة (١).
ولكن أورد على ذلك شيخنا الاستاذ قدسسره (٢) بأن لازم هذه النظرية إمكان تصحيح النذر في المحرّمات أيضاً بالرجحان الناشئ من قبله فضلاً عن المكروهات ، وهو كما ترى.
وفيه : أن ما أورده قدسسره على هذه النظرية خاطئ جداً ، والسبب في ذلك : أنّ ما دل على حرمة شيء أو كراهته باطلاقه يشمل ما قبل النذر وما بعده ، يعني أنّه كما يدل على حرمته قبل النذر كذلك يدل عليها بعده ، بداهة أنّ دليل وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يكون مقيداً لاطلاقه وإلاّ لأمكن تحليل جميع المحرّمات والواجبات فعلاً وتركاً بالنذر كما أفاده ، والسر فيه : أنّ دليل وجوب الوفاء به لا يكون ناظراً إلى أنّ ما تعلق به النذر راجح أو ليس براجح ، وعليه فلا بدّ من إحرازه من الخارج. نعم ، قد يكون تعلق النذر به ملازماً لانطباق عنوان راجح عليه فحينئذ يصح النذر ، إذ لا يعتبر في صحته أن يكون متعلقه راجحاً قبله أي قبل النذر زماناً ، بل يكفي فيها مقارنته معه زماناً.
وعلى الجملة : فدليل وجوب الوفاء بالنذر لا يكون سبباً وموجباً لحدوث الرجحان في متعلقه حتى يستلزم انقلاب الواقع بأن يجعل المبغوض محبوباً والحرام راجحاً ، حيث إنّه غير ناظر إلى أنّ متعلقه راجح أو غير راجح حرام
__________________
(١) العروة الوثقى ١ : ٣٨١ المسألة ١٧ [١٢٠٧].
(٢) العروة الوثقى ( المحشّاة ) : ٢ : ٢٧٤ المسألة ١٧ / فصل في أوقات الرواتب.