وإمّا من ناحية كشفه عن عروض عنوان راجح عليه من جهة النذر على الشكل الذي عرفت.
بقي هنا أمران ، الأوّل : ما إذا علم بأنّ إكرام زيد مثلاً غير واجب ، ولكن لا ندري أنّ عدم وجوب إكرامه من ناحية التخصيص أي تخصيص عموم إكرام كل عالم بغيره ، أو أنّه من ناحية التخصص ، يعني أنّ عدم وجوب إكرامه من ناحية أنّه ليس بعالم ، فدار الأمر في المقام بين التخصيص والتخصص ، ومثال ذلك في الفقه مسألة الملاقي لماء الاستنجاء ، حيث إنّه غير محكوم بالنجاسة إذا توفّرت فيه الشرائط التي ذكرت لعدم تأثير ماء الاستنجاء فيه ـ الملاقي ـ فحينئذ لا محالة يدور بين أن يكون خروجه عن هذا الحكم بالتخصص أو بالتخصيص ، يعني أنّ ما دلّ على طهارة الملاقي له هل يكون مخصصاً لعموم ما دلّ على انفعال الملاقي للماء النجس أو يكون خروجه منه بالتخصص؟
فيه خلاف بين الأصحاب ، فذهب بعضهم إلى الأوّل ، وآخر إلى الثاني بدعوى أنّه لا مانع من التمسك بأصالة عدم التخصيص لاثبات طهارة ماء الاستنجاء ، نظراً إلى أنّ الاصول اللفظية كما تثبت لوازمها الشرعية كذلك تثبت لوازمها العقلية والعادية أيضاً ، فالنتيجة أنّه لا مانع من التمسك بها لاثبات التخصص.
وبكلمة اخرى : أنّ الحري بنا أن نتكلم في كبرى المسألة فنقول : إذا دار الأمر بين التخصيص والتخصص ، فهل يقدم الأوّل على الثاني؟ فيه قولان. المعروف في الألسنة هو القول الثاني ، واستدل عليه بأصالة عدم التخصيص في طرف العام ، وهذه الأصالة كما تثبت لوازمها الشرعية كذلك تثبت لوازمها