فرض انحلاله لا فرض وجوده.
وأمّا النقطة الثالثة : فهي لو تمت فانّما تتم في المثال الذي ذكرناه لا في المقام ، والسبب فيه : هو أنّ المعلوم بالاجمال هنا وإن كان ذا علامة وتعيّن في الواقع ، إلاّ أنّه إنّما يمنع من انحلال العلم الاجمالي بالظفر بالمقدار المتيقن فيما إذا لم يكن في نفسه مردداً بين الأقل والأكثر كالمثال الذي قدّمناه آنفاً.
وأمّا إذا كان ما له العلامة والتعين مردداً أيضاً بين الأقل والأكثر ، فبطبيعة الحال يكون حاله حال ما ليس له العلامة والتعين في الواقع ، فكما أنّ ما ليس له العلامة والتعيّن فيه ينحل بالظفر بالمقدار المتيقن والمعلوم ، فكذلك ما له العلامة والتعين ، وما نحن فيه كذلك ، فانّ ما له العلامة والتعين فيه حاله حال ما ليس له العلامة والتعيّن ، فلا فرق بينهما من هذه الناحية ، يعني من ناحية الانحلال بالظفر بالمقدار المتيقن.
وإن شئت فقل : كما أنّ العلم الاجمالي بوجود التكاليف والمخصصات في الشريعة المقدّسة ينحل بالظفر بالمقدار المعلوم والمتيقن ، كذلك العلم الاجمالي بوجود التكاليف والمخصصات في خصوص الكتب المعتبرة ينحل بذلك ، والنكتة فيه أنّ المعلوم بالاجمال في هذا العلم الاجمالي كالمعلوم بالاجمال في العلم الاجمالي الأوّل ، يعني أنّ أمره دائر بين الأقل والأكثر.
وعليه فبطبيعة الحال ينحل بالظفر بالمقدار الأقل تفصيلاً ، فلا علم بعده بوجود المخصص أو المقيد في ضمن الأكثر ، والشاهد عليه هو أنّنا لو أفرزنا ذلك المقدار من الكتب المعتبرة فلا علم لنا بعده بوجود المخصص أو المقيد فيها ، وهذا معنى انحلال العلم الاجمالي.