فلو لم يفحص ووقع في مخالفتها لم يكن معذوراً.
وهذا الوجه بعينه جارٍ في موارد الرجوع إلى الاصول اللفظية ، فانّ المكلف لو تمسك بها بدون الفحص عن القرائن على خلافها مع علمه بأنّ بيان الأحكام الشرعية كان على نحو التدريج وبالطرق العادية المتعارفة لوقع في مخالفة تلك الأحكام كثيراً ولا يكون معذوراً ، حيث إنّ العقل يرى أنّ وظيفته هي الفحص عن القرائن المحتملة في الواقع وأ نّه لو تفحّص عنها لوصل إليها لو كانت موجودة ، ومعه كيف يكون معذوراً.
فالنتيجة : أنّ وظيفة المولى بيان الأحكام بالطرق العادية ووظيفة العبد الفحص عن تلك الأحكام ، بلا فرق في ذلك بين موارد الاصول العملية والاصول اللفظية.
الثاني : الآيات والروايات الدالتان على وجوب التعلم والفحص ، أمّا الاولى : فمنها قوله تعالى : ( فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ )(١) ومنها قوله تعالى : ( فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ) إلخ (٢) وغيرهما من الآيات. وأمّا الثانية : فمنها قوله عليهالسلام : « إنّ الله تعالى يقول لعبده في يوم القيامة هلاّ عملت؟ فقال : ما علمت ، فيقول : هلاّ تعلّمت » (٣) وغيرها من الروايات.
ومن الواضح أنّ هذا الوجه لا يختص بموارد الرجوع إلى الاصول العملية ،
__________________
(١) النحل ١٦ : ٤٣.
(٢) التوبة ٩ : ١٢٢.
(٣) بحار الأنوار ٢ : ٢٩ ، ١٨٠.