شمولها للغائبين فضلاً عن المعدومين ، وهذا مما نقطع بعدمه ، لأنّ اختصاصها بالمدركين لزمان الحضور وإن كان محتملاً في نفسه إلاّ أنّه لا يحتمل اختصاصها بالحاضرين في المجلس جزماً.
وعليه فلا مناص من الالتزام باستعمالها في الخطاب الانشائي ولو كان ذلك بالعناية ، فاذن يشمل المعدومين أيضاً بعد تنزيلهم منزلة الموجودين على ما هو لازم كون القضية حقيقيةً ، هذا كلّه على تقدير كون الخطابات القرآنية خطاباً من الله تعالى بلسان رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى امّته.
وأمّا إذا قلنا بأ نّها نزلت على قلبه صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل قراءته فلا موضوع عندئذ لهذا النزاع ، حيث إنّه لم يكن حال نزولها على هذا الفرض من يتوجه إليه الخطاب حقيقةً ليقع النزاع في اختصاصها بالحاضرين مجلس الخطاب أو عمومها للغائبين بل المعدومين.
ومن ضوء هذا البيان يظهر أنّ ما أفاده شيخنا الاستاذ قدسسره (١) في المقام من التفصيل بين القضايا الخارجية والقضايا الحقيقية ، بتقريب أنّ الخطاب في القضايا الخارجية يختص بالمشافهين ، فانّ عمومه للغائبين فضلاً عن المعدومين يحتاج إلى عناية زائدة وبدونها فلا يمكن الحكم بالعموم ، وأمّا في القضايا الحقيقية فالظاهر أنّه يعمّ المعدومين فضلاً عن الغائبين ، حيث إنّ توجيه الخطاب إليهم لا يحتاج إلى أزيد من تنزيلهم منزلة الموجودين الذي هو المقوّم لكون القضية حقيقيةً ، لا يتم فانّ كون القضية حقيقيةً وإن كان يقتضي بنفسه فرض الموضوع فيها موجوداً والحكم على هذا الموضوع المفروض وجوده إلاّ أنّ مجرد ذلك لا يكفي في شمول الخطاب للمعدومين ، ضرورة أنّ صِرف وجود الموضوع
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣٦٧.