خارجاً لا يكفي في توجيه الخطاب إليه ، بل لا بدّ فيه من فرض وجوده في مجلس التخاطب والتفاته إلى الخطاب وإلاّ لصحّ خطاب الغائب في القضية الخارجية من دون عناية وهو خلاف المفروض كما عرفت.
فالنتيجة : أنّ الصحيح هو ما ذكرناه من أنّ أدوات الخطاب موضوعة للدلالة على الخطاب الانشائي دون الحقيقي ، وقد مرّ أنّه لا مانع من شمول الخطاب الانشائي للمعدومين فضلاً عن الغائبين.
الكلام في ثمرة هذا البحث : قد ذكر له عدّة ثمرات نذكر منها ثمرتين :
إحداهما : أنّه على القول بعموم الخطاب للغائبين بل المعدومين فظواهره تكون حجة عليهم بالخصوص ، وعلى القول بعدمه فلا تكون حجةً عليهم كذلك.
وأورد على هذه الثمرة المحقق صاحب الكفاية قدسسره (١) بأ نّها تبتني على مقدمتين : الاولى اختصاص حجية الظواهر بمن قصد إفهامه. الثانية : أن يكون المقصود بالافهام من خطابات القرآن هو خصوص الحاضرين في مجلس التخاطب.
ولكن كلتا المقدمتين خاطئة وغير مطابقة للواقع. أمّا المقدمة الاولى فلما حققناه في محلّه (٢) من عدم اختصاص حجية الظواهر بخصوص المقصودين بالافهام بل تعم الجميع من المقصودين وغيرهم ، وذلك لعدم الفرق في السيرة العقلائية القائمة على العمل بها بين مَن قصد إفهامه من الكلام ومَن لم يقصد وتمام الكلام في محلّه. وأمّا المقدمة الثانية فلأنّ المقصود بالافهام من خطابات
__________________
(١) كفاية الاصول : ٣٣١.
(٢) مصباح الاصول ٢ : ١٣٨.