النسخ
وهو في اللغة (١) بمعنى الازالة ، ومنه نسخت الشمس الظل. وفي الاصطلاح هو رفع أمر ثابت في الشريعة المقدّسة بارتفاع أمده وزمانه ، ولا يفرق فيه بين أن يكون حكماً تكليفياً أو وضعياً. ومنه يظهر أنّ ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه كارتفاع وجوب الصلاة بخروج وقتها ووجوب الصوم بانتهاء شهر رمضان وهكذا ليس من النسخ في شيء ، والوجه في ذلك : هو أنّا قد ذكرنا غير مرّة أنّ للحكم المجعول في الشريعة المقدّسة مرتبتين :
الاولى : مرتبة الجعل وهي مرتبة ثبوت الحكم في عالم التشريع والانشاء ، وقد ذكرنا في غير مورد أنّ الحكم في هذه المرتبة مجعول على نحو القضايا الحقيقية التي لاتتوقف على وجود موضوعها في الخارج ، فانّ قوام تلك القضايا إنّما هو بفرض وجود موضوعها فيه سواء أكان موجوداً حقيقةً أم لم يكن ، مثلاً قول الشارع : شرب الخمر حرام ليس معناه أنّ هنا خمراً في الخارج وأنّ هذا الخمر محكوم بالحرمة في الشريعة ، بل مردّه هو أنّ الخمر متى ما فرض وجوده في الخارج فهو محكوم بالحرمة فيها سواء أكان موجوداً في الخارج أم لم يكن.
الثانية : مرتبة الفعلية وهي مرتبة ثبوت ذلك الحكم في الخارج بثبوت موضوعه فيه ، مثلاً إذا تحقق الخمر في الخارج تحققت الحرمة المجعولة له في
__________________
(١) المصباح المنير : ٦٠٣.