البداء
قد التزم الشيعة بالبداء في التكوينيات ، وخالف في ذلك العامة (١) وقالوا باستحالة البداء فيها لاستلزامه الجهل على الحكيم تعالى ، ومن هنا نسبوا إلى الشيعة ما هم براء منه ، وهو تجويز الجهل عليه تعالى باعتبار التزامهم بالبداء.
ولكن من الواضح أنّهم لم يحسنوا في الفهم ما هو مراد الشيعة من البداء ولم يتأملوا في كلماتهم حول هذا الموضوع وإلاّ لم ينسبوا إليهم هذا الافتراء الصريح والكذب البيّن. وممّن نسب ذلك إلى الشيعة الفخر الرازي في تفسيره الكبير عند تفسير قوله تعالى : ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ ) قال : قالت الرافضة البداء جائز على الله تعالى وهو أن يعتقد شيئاً ثمّ يظهر له أنّ الأمر بخلاف ما اعتقده (٢) وهذا كما ترى كذب صريح على الشيعة. وكيف كان فلا يلزم من الالتزام بالبداء الجهل عليه تعالى ، كيف فانّ الشيعة ملتزمون به ، فمع ذلك يقولون باستحالة الجهل عليه سبحانه وتعالى.
وقد ورد في بعض الروايات أنّ « من زعم أنّ الله ( عزّ وجلّ ) يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرؤوا منه » (٣) وفي بعضها الآخر « فأمّا من قال بأنّ الله
__________________
(١) الإحكام للآمدي ٣ : ١٠٢ ، شرح اللُّمع ١ : ٤٨٥.
(٢) التفسير الكبير ١٩ : ٦٦.
(٣) إكمال الدين : ٧٠.