ينعقد له ظهور في الاطلاق ويكون حجةً على المخاطب على سبيل القاعدة.
ومن ذلك يظهر : أنّ التقييد بدليلٍ منفصل لا يضر بكونه في مقام البيان ولا يكشف عن عدمه ، وإنّما يكشف عن أنّ المراد الجدي لا يكون مطابقاً للمراد الاستعمالي ، وقد تقدم أنّه قد يكون مطابقاً له وقد لا يكون مطابقاً له ، ولا فرق في ذلك بين العموم الوضعي والعموم الاطلاقي ، ولذا ذكرنا سابقاً (١) أنّ التخصيص بدليل منفصل لا يكشف عن أنّ المتكلم ليس في مقام البيان ، مثلاً قوله تعالى : ( وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ )(٢) في مقام البيان مع ورود التقييد عليه بدليل منفصل في غير مورد ، وكذا الحال فيما إذا افترضنا أنّ للآية عموماً تدل عليه بالوضع.
وعلى الجملة : فلا فرق من هذه الناحية بين العموم والمطلق ، فكما أنّ التخصيص بدليل منفصل لا يوجب سقوط العام عن قابلية التمسك به ، فكذلك التقييد بدليل منفصل ، ويترتب على ذلك : أنّ تقييد المطلق من جهةٍ لا يوجب سقوط إطلاقه من جهات اخرى إذا كان في مقام البيان من هذه الجهات أيضاً ، فلا مانع من التمسك به من تلك الجهات إذا شك فيها ، كما إذا افترضنا أنّ الآية في مقام البيان من جميع الجهات وقد ورد عليها التقييد بعدم كون البائع صبياً أو مجنوناً أو سفيهاً ، وشك في ورود التقييد عليها من جهات اخرى ، كما إذا شك في اعتبار الماضوية في الصيغة أو الموالاة بين الايجاب والقبول ، فلا مانع من التسمك باطلاقها من هذه الجهات والحكم بعدم اعتبارها.
وأمّا الأمر الثاني : فالمعروف والمشهور بين الأصحاب هو استقرار بناء
__________________
(١) في ص ٤٢٥.
(٢) البقرة ٢ : ٢٧٥.