ولكنّه يردّ بأنّ الأدلّة الناهية عن المحاذات منصرفة إلى الصّلاة الصحيحة وإنّ المنهيّ عنها هي محاذات المرأة حين إتيانها بها كذلك.
قد مرّ أنّ الحقّ في المسألة وضع الألفاظ للصحيح ، ويستدلّ له بوجوه :
إنّ المتبادر من الألفاظ عند إطلاقها هو الصحيح ، فيكون إطلاقها على الفاسد بنوع من المجاز والعناية.
ولكن هيهنا مشكلتان لا بدّ من حلّهما لكي يتمّ هذا الوجه :
الاولى : أنّ التبادر فرع وجود معنى مبيّن للألفاظ ، مع أنّ الألفاظ على القول بالصحيح مجملات ( في مثل العبادات ) إذ من الواضح وقوع الشكّ في جملة من أجزاء الصّلاة وشروطها ، فعلى هذا القول يكون معناها مجملاً مردّداً بين الأقلّ والأكثر ، فكيف يدّعي الصحيحي تبادر الصحيح التامّ من ألفاظها؟
وقد إلتفت المحقّق الخراساني رحمهالله إلى هذه العويصة وأشار إليها في كلماته وأجاب عنها بأنّ معاني الألفاظ وإن كانت على هذا القول مجملات ولكنّها مبيّنات في الجملة من ناحية بعض الخواصّ والآثار ، فتكون الصّلاة مثلاً هي التي تنهى عن الفحشاء ، أو تكون معراجاً للمؤمن ، أو عمود الدين ونحو ذلك. وهذا المقدار من البيان الإجمالي يكفي في صحّة التبادر.
وقد أشار في تهذيب الاصول إلى هذا الجواب وأورد عليه بأنّ « للماهية في وعاء تقرّرها تقدّماً على لوازمها وعلى الوجود الذي هو مظهر لها ، كما أنّها متقدّمة على لوازم الوجود بمرتبتين ، لتوسّط الوجود بينها وبين لوازم الوجود ، وإذ أضفت ذلك إلى ما قد علمت سابقاً من ـ أنّ النهي عن الفحشاء وكونها معراج المؤمن وما أشبهها من لوازم الوجود لا من آثار الماهيّة لعدم كونها منشأً لتلك الآثار في حدّ نفسها ـ تعرف أنّه لا وجه لهذا التبادر أصلاً ، لأنّ تلك العناوين في مرتبة متأخّرة عن نفس المعنى الماهوي الموضوع له ، بل لو قلنا أنّها من عوارض