إن قلت : لماذا لم يتمسّك بذيل أصالة الحقيقة لإثبات أنّ الموضوع له خصوص الصحيح ( بعد ما علمنا أنّ المراد من الصّلاة في هذه الأخبار هو خصوص الصحيح ) مع أنّها من الاصول المعتبرة اللّفظيّة؟
قلنا : إنّ أصالة الحقيقة من الاصول اللّفظيّة المراديّة تجري في خصوص ما إذا كان المراد مشكوكاً لا ما إذا علمنا بالمراد كما في المقام ( حيث إنّ المفروض كون المراد هو خصوص الصحيح والشكّ إنّما وقع في كون الاستعمال حقيقة أو مجازاً ).
إن قلت : إنّ لازم وضع الصّلاة للأعمّ خروج الصّلاة الفاسدة من هذه الأخبار بالتخصيص ، ولازم وضعها للصحيحة خروجها بالتخصّص ، ومقتضى أصالة عدم التخصيص ( أصالة العموم ) خروجها بالتخصّص ، وهو يستلزم كون اللفظ موضوعاً للصحيح.
قلنا : إنّ وزان أصالة العموم وزان أصالة الحقيقة في أنّها من الاصول المراديّة فيكون الجواب هو الجواب.
فظهر ممّا ذكر عدم إمكان التمسّك بهذه الرّوايات لإثبات القول بالصحيح ، إلاّ أن يقال : إنّ ظاهرها كون استعمال الصّلاة فيها استعمالاً حقيقيّاً وأنّ الآثار آثار لماهية الصّلاة لا لمصداق من مصاديقها لعدم وجود قيد ولا قرينة فيها بل الظاهر كون هذه الألفاظ بما لها من المعنى عند الشرع واجدة لهذه الآثار وفاقدة لتلك الموانع وهذه الدعوى ليست ببعيدة ، نعم يمكن أن يستدلّ أيضاً بإطّراد استعمال لفظة الصّلاة في هذه الأخبار في الصحيح ، والاطّراد من علائم الحقيقة على المختار ، ولا يخفى أنّ الاطّراد في الاستعمال غير مجرّد الاستعمال.
الوجه الرابع : أنّه مقتضى حكمة الوضع ، لأنّ مورد الحاجة إنّما هو المعنى الصحيح.
وأورد عليه : أنّ الفاسد أيضاً محلّ للحاجة ، فإنّ الحاجة إلى الفاسد لو لم تكن أكثر من الحاجة إلى الصحيح لم تكن أقلّ منها.
أقول : الأولى في تقريب هذا الوجه هو الرجوع إلى المخترعات العرفيّة ، فلا ريب أنّ المقصود في كلّ مخترع من المخترعات العرفيّة أوّلاً وبالذات هو الوصول إلى الآثار التي تترتّب عليها والإنسان المخترع يلاحظ حين التسمية تلك الآثار ويضع اللفظ لمنشئها ، ولا إشكال في أنّ منشأها إنّما هو الفرد الصحيح فيصير هو المسمّى للفظ ، نعم يستعمل اللفظ بعد ذلك في