الفرد الفاسد مجازاً ، هذا في المخترعات العرفيّة ، وكذلك في المخترعات الشرعيّة فإنّ المستفاد من قوله تعالى : ( وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسانِ قَوْمِهِ ) أنّ الشارع اختار في أوضاعه سيرة العقلاء لأنّها أقرب إلى التفهيم الذي يراد من وضع الألفاظ.
إن قلت : إنّ المخترع جزئي حقيقي يستلزم وضع اللفظ بإزائه كون إطلاقه على سائر الأفراد المصنوعة بعده مجازاً ، وهذا كاشف عن أنّ الواضع المخترع لا يضع اللفظ لخصوص هذا الفرد الذي بين يديه بل ينتقل من تصوّره إلى تصوّر الجامع الارتكازي المعرّى عن الخصوصيّات الفرديّة من الصحّة والفساد وغيرهما ثمّ يضع اللفظ لذلك الجامع الأعمّ من الصحيح والفاسد.
قلنا : إذا كان الجزئي عبارة عن الفرد الصحيح كان المنتقل إليه أيضاً هو الجامع للأفراد الصحيحة فإنّه يقول مثلاً : « وضعت هذا اللفظ للجامع بين هذه السيارة وكلّ ما كان مثلها » فيكون وصف الصحّة ملحوظاً في الجامع أيضاً.
هذا تمام الكلام في أدلّة القول بالصحيح وقد عرفت صحّة بعضها وإن كان بعضها الآخر قابلاً للمناقشة.
واستدلّ له أيضاً بامور :
فإن كلاً من الصحيحي والأعمّي استدلّ بهما.
والجواب عنهما أنّهما فرع تصوّر القدر الجامع وقد مرّ أنّه لا جامع للأعمّي ، هذا ـ مضافاً إلى ما مرّ من أنّ الوجدان حاكم على أنّ المتبادر إنّما هو الصحيح من الألفاظ لا الأعمّ.
فيقال : الصّلاة إمّا صحيحة أو فاسدة ، والتقسيم يتوقّف على وضع الصّلاة للأعمّ كما لا يخفى.