موجودة في ذهن المتكلّم فأرادها مقارناً للمعنى المستعمل فيه اللفظ من دون أي ربط بينهما ومن دون استعمال اللفظ في تلك المعاني ، وهذا عجيب منه ومعلوم بطلانه.
وأمّا الجواب الثاني ففيه أنّه ينتقض بما يعدّ من بطون القرآن ولا يكون من لوازم المعنى الموضوع له ، نحو كلمة « الجوار الخنّس » في الآية التي فسّرت في الرّواية بالامام الغائب ( أنفسنا له الفداء ) مع كونه في اللّغة بمعنى الكواكب المتحرّكة التي تغرب وتحتجب عن النظر ، ولا ملازمة بين المعنيين كما لا يخفى.
وأمّا القول بأنّه استعمل في معنى جامع ـ ويرد عليه ما سبق آنفاً من الإيرادات الثلاثة.
الأوّل : أنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى وإن كان ممكناً إلاّ أنّه حيث كان مخالفاً لظاهر الكلام فيحتاج إلى القرينة المعيّنة للمعاني المرادة لا القرينة على المجاز كما في الأبيات المذكورة آنفاً ، وبدونها لا يصحّ حمل اللفظ على المعنيين أو أكثر ، بل يحمل على معنى واحد من معانيه ، فإن كان هناك قرينة معيّنة فيها فهو وإلاّ كان مجملاً.
نعم لا فرق بين أن تكون القرينة داخلية أو خارجيّة ، فالداخلية مثل ما مرّ في ما مضت من الأبيات ، فإنّ كلمة « في الدجى » وكلمة « ظمئاً » مثلاً قرينتان على استعمال العين في الشمس والعين الجارحة ، والخارجيّة نظير ما مرّ من تفسير الإمام عليهالسلام في الآيات الثلاث.
الثاني : قد ظهر ممّا ذكرنا هنا أنّه لا فرق من ناحية العقل بين استعمال اللفظ في المعنيين الحقيقيين ، أو المعنى الحقيقي والمجازي ، أو الحقيقي والكنائي نفياً واثباتاً ، لأنّ دليل الاستحالة المذكورة سابقاً كان منحصراً في امتناع اجتماع اللحاظين ، وهو يتصوّر في كلّ واحد من التقادير ، فبمنعه يثبت الجواز أيضاً في جميعها.
إلى هنا تمّ الدليل الأوّل للامتناع ، وقد تبيّن ممّا ذكر في جوابه دليل المختار من جواز الاستعمال في أكثر من معنى.
وأمّا الدليل الثاني فهو ما قد يقال من أنّ الألفاظ وجودات تنزيلية للمعاني وكأنّ المعنى يوجد بإيجاد اللفظ ، ولذلك قالوا بأنّ للوجود أنواعاً أربعة : وجوداً خارجياً ، ووجوداً ذهنياً ، ووجوداً كتبيّاً ، ووجوداً لفظيّاً ، فعدّ اللفظ أيضاً من أنواع الوجود ، وحيث لا يكون لحقيقة