ما لم يصل إلى الشهر اللاحق ( انتهى ملخّص كلامه ) (١).
أقول : ولقد أجاد فيما أفاد ، فإنّه يندفع به الإشكال على الأقلّ بالنسبة إلى الأزمنة والآنات المتقاربة ، فإذا قال الشارع « لا تصلّ عند مطلع الشمس » يصدق المطلع عرفاً في الدقائق اللاّحقة لطلوع الشمس ما لم يمض زمان طويل يخرج عن هذا الحدّ العرفي.
فتلخّص ممّا ذكرناه : أنّ جريان النزاع في اسم الزمان غير ممكن بالدقّة العقليّة لعدم بقاء له ولكن يجري فيه بنظر العرف ، لأنّهم يرون للزمان بقاءً بحسب الحدود التي يجعلونها له ، ومن المعلوم أنّ الإطلاقات إنّما هي بنظر العرف.
وقد مرّ أن صاحب الفصول ذهب إلى خروج اسم المفعول عن محلّ النزاع لصدقه على من وقع عليه الفعل إلى الأبد بمجرّد تحقّق الفعل مرّة واحدة فلا معنى للانقضاء فيه.
وكذلك في اسم الآلة لصدقها على الذات وإن لم يتحقّق منها فعل كالمفتاح فأنّه يصدق على آلة الفتح وإن لم يفتح بها شيء.
أقول : أمّا بالنسبة إلى اسم المفعول ، فالجواب عنه : إنّ الأفعال المتصوّرة في اسم المفعول على قسمين : فقسم منها يكون آنيّ الوجود والتحقّق أو شبيهاً له كالقتل والضرب ، وقسم لا يكون كذلك كالعلم والجهل ، وقد وقع الخلط في كلامه رحمهالله بين هذين القسمين ، لأنّه وإن كان لا يتصوّر الانقضاء في القسم الأوّل لكنّه يصدق في القسم الثاني ، فلا إشكال في انقضاء المعلوميّة والمجهوليّة مع بقاء الذات فيهما ، مضافاً إلى انتقاض كلامه بإسم الفاعل لجريان هذين القسمين بعينهما فيه أيضاً فكما أنّه لا معنى للانقضاء في مثل صفة المقتوليّة لا معنى كذلك للانقضاء في القاتلية ، فإن كان وجود هذا القسم في اسم المفعول موجباً لخروجه فليكن في اسم الفاعل أيضاً كذلك.
هذا مضافاً إلى ما مرّ من أنّ التلبّس بالمبدأ على أنحاء : التلبّس بالفعل والتلبّس بالحرفة
__________________
(١) راجع بدائع الأفكار : ج ١ ، ص ١٦٢ ـ ١٦٣ ونهاية الأفكار طبع جماعة المدرّسين : ج ١ ، ص ١٢٨ ـ ١٢٩.