من باب وجود نقيصة في الطلب الاستحبابي يحتاج رفعها إلى مؤونة زائدة من البيان.
إن قلت : يتمسّك بالاطلاق غالباً لادخال جميع الأفراد وشمول اللفظ لها جميعاً بينما التمسّك به هنا يكون لأجل تعيين أحد الفردين.
قلنا : المطلوب في التمسّك بالاطلاق إنّما هو نفي القيد لا تكثير الفرد وتجميع الأفراد ، نعم نفي القيد يلازم غالباً في الخارج شمول الأفراد ، كما أنّ التقييد يلازم غالباً إخراج الفرد وإلاّ قد يستلزم من نفي القيد تعيين أحد الفردين كما إذا كان لعنوان كلّي فردان : أحدهما مع القيد ، والآخر بدون القيد ، فينفى باجراء أصالة الإطلاق القيد ويثبت تعيين الفرد المطلق كما فعله المحقّق الخراساني رحمهالله ( وتبعه الآخرون ) في دوران الأمر بين الواجب التعييني والواجب التخييري ، فإذا شككنا في أنّ التسبيحات الأربعة في الركعتين الأخيرتين مثلاً واجب تعييني أو يكون المكلّف مخيّراً بينها وبين قراءة الحمد ، نتمسّك بإطلاق أدلّة التسبيحات ونقول : أمر الشارع بها وطلبها من المكلّف مطلقاً سواء قرأ سورة الحمد أو لم يقرأها.
ولكن التمسّك بالاطلاق لا يخلو عن إشكال ، لأنّ الوجوب والاستحباب هما من مراتب الطلب ليس وأحدهما مطلقاً ، والآخر مقيّداً ، كما لا يخفى على الخبير.
فقد تلخّص من جميع ما ذكرنا :
أوّلاً : أنّ مادّة الأمر مشترك معنوي بين الوجوب والندب في اللّغة ، والدليل هو ما مرّ من الاطّراد وعدم صحّة السلب عن مورد الاستحباب.
وثانياً : أنّها مع اشتراكها معنويّاً بحسب اللّغة تنصرف إلى الوجوب بمقتضى طبيعة الوجوب.
وهي مسألة كلاميّة قبل أن تكون مسألة اصوليّة وقد ذكرت ببعض المناسبات في الاصول ، وعنوانها أنّه هل تكون الإرادة والطلب متّحدين في المعنى ، أي هل يكون مفهوم الإرادة متّحداً مع مفهوم الطلب أو لا؟
ذهبت الأشاعرة وفئة قليلة من الإماميّة إلى اختلاف الإرادة والطلب مفهوماً ومصداقاً ، وهو المستفاد هو أيضاً من بعض كلمات المحقّق النائيني رحمهالله ، ولكن المعتزلة وأكثر الإماميّة على