اتّحادهما ، وهم طائفتان : طائفة ذهبوا إلى اتّحادهما مفهوماً ومصداقاً ، واخرى إلى اتّحادهما في خصوص المصداق.
ولا بدّ أوّلاً من تبيين أساس النزاع والجذور التاريخية للمسألة لكي يتّضح موضع النزاع ومحلّ الخلاف ، ولكن المحقّق الخراساني رحمهالله حيث ورد في المسألة من أواسطها ولم يتعرّض لمنشأ الاختلاف وقع في بعض الإشكالات كما سيأتي.
فنقول : إن أصل هذه المسألة متفرّع من مسألة اخرى مطروحة في علم الكلام ، وهي البحث عن وجود الكلام النفسي للباري تعالى المتفرع بدوره من البحث في كلام الله وأنّه هل هو قديم كسائر صفاته الذاتيّة أو حادث كسائر صفاته الفعليّة؟
توضيح ذلك : لا شكّ في أنّ الله تبارك وتعالى متكلّم كما تكلّم مع أنبيائه وملائكته كما نطق به الأنبياء والكتاب الكريم في قوله تعالى مثلاً : ( وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً ) فمن صفاته جلّ وعزِ صفة « المتكلّم » ، فوقع البحث حينئذ في أنّ هذه الصفة قديمة أو حادثة ( أي أنّها من صفاته الذاتيّة أو الفعليّة كالخلق والرزق ) وهذه المسألة من المسائل التي ازدحمت فيها الآراء وكثر فيها الخلاف واريقت بسببها الدماء في القرون الأوّلى للإسلام ، بل إنّه هو الوجه في تسمية علم الكلام بإسم الكلام ، فإنّ أكثر النزاع بين الأشاعرة والمعتزلة كان في الكلام النفسي ـ الأمر الذي صار من أسباب التفرقة الشديدة بين فرق المسلمين وآلة بأيدي طالبي الرئاسة والحكومة من بني العبّاس ومثاراً لايجاد التنازع والاختلاف من جانبهم تحكيماً لمباني حكومتهم وادامة لرئاستهم وتحقيقاً لميولهم النفسانيّة الخبيثة ، فذهب الأشاعرة إلى أنّ كلام الله قديم ، والمعتزلة وجماعة الإماميّة إلى حدوثه لأنّ صفات الباري تعالى عندهم تقسّم إلى قسمين : صفات الذات وصفات الفعل ، والقسم الأوّل قديم بقدم الذات والقسم الثاني حادث بحدوث أفعاله تعالى ، فإنّ صفات الفعل عبارة عمّا ينتزعه الذهن بعد وقوع الفعل من ناحيته كصفة الخالق والرازق من دون أن تقوم بذاته تعالى ، وحكي عن الحنابلة أنّهم قالوا بأنّ كلام الله صفة حادثة قائمة بالذات القديم ، حتّى نقل في المحاضرات عن كتاب المواقف عن بعضهم القول بأنّ جلد كلام الله حادث قائم بالذات القديم فضلاً عن النقوش والخطوط ، ولكنّه كما ترى غير لائق بالبحث.
وكيف كان : لا إشكال في صحّة قول المعتزلة وجماعة الإماميّة ، لأنّ من الواضح أنّ كلام