الجمل الخبريّة
لا إشكال في أنّه كثيراً ما تستعمل الجملة الخبريّة موضع الإنشاء ويراد منها الطلب نحو قوله تعالى : ( وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ ) وقوله تعالى : ( وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ ) وقد ورد مثل هذا الطلب في روايات كثيرة أيضاً بل لعلّ أكثر الأوامر الواردة فيها يكون من هذا النوع نظير قوله عليهالسلام « يعيد صلاته » مكان قوله : « ليعد صلاته » أو قوله عليهالسلام « يغتسل » أو « يسجد سجدتي السهو » إلى غير ذلك ، كما تستعمل في أكثر الموارد بصورة فعل المضارع والجملة الفعليّة ، وقليلاً ما تكون على هيئة الجملة الاسمية ، وكيف كان فالبحث يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في أنّه كيف يمكن استعمال الجملة الخبريّة وإرادة الإنشاء منها ، فهل هو حقيقة أو مجاز أو كناية؟
المقام الثاني : في أنّها هل تدلّ على الوجوب أو لا؟
أمّا المقام الأوّل فالأقوال فيه ثلاثة :
١ ـ أنّه مجاز لاستعمال الجملة الخبريّة التي وضعت للأخبار في غير ما وضعت له.
ولكنّه بعيد جدّاً ، لأنّ المجاز لا بدّ فيه من علاقة بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي ، ومن الواضح أنّه لا علاقة بين الإخبار والإنشاء.
٢ ـ ما مرّ من بعض الأعلام في المعاني الحرفيّة بالنسبة إلى الجمل الخبريّة من أنّها تدلّ على النسبة الايقاعيّة الإيجاديّة ، إلاّ أنّ إيجاد النسبة وايقاعها قد يكون بداعي الحكاية والإخبار كما في الجمل الخبريّة التي تصدر من المتكلّم للاخبار ، وقد يكون بداعي البعث والطلب كما في ما نحن فيه ، فالجملة حينئذٍ استعملت في ما وضعت له ، فلا مجاز ولا حاجة إلى قرينة المجاز ، إلّإ