التعبّدي والتوصّلي
ولا بدّ من تقديم امور قبل الورود في أصل البحث :
فقد ذكر لهما تعاريف كثيرة التي لا حاجة إلى ذكر جميعها بل نذكر هنا أشهرها وما يرد عليه من الإيراد ثمّ نذكر التعريف المختار.
فالمشهور أنّ الواجب التوصّلي ما لا يتوقّف حصول الامتثال أو حصول الغرض فيه على قصد القربة نظير تطهير المسجد (١) فإنّ الغرض فيه يحصل وبتبعه يسقط الأمر بمجرّد التطهير من دون قصد القربة أو قصد الأمر وبأيّ طريق حصل التطهير ، وأمّا الواجب التعبّدي فهو ما يتوقّف حصول الغرض والامتثال فيه على قصد القربة.
ولكن الإنصاف أنّه تعريف ببعض اللوازم وليس بياناً لماهية الواجب التعبّدي والتوصّلي ، فإنّ اعتبار قصد القربة أو عدمه ينشأ من خصوصيّة في ماهية الواجب التعبّدي أو التوصّلي وإنّهما مع قطع النظر عن قصد القربة مفترقان ماهية وذاتاً.
توضيح ذلك : إنّ الأفعال الاختياريّة للإنسان على قسمين : الأفعال التي يأتي بها لرفع حاجاته اليوميّة كالتجارة والبيع والنكاح والطلاق وغيرها ، والأفعال التي يأتي بها لاظهار عبوديته ونهاية خضوعه وتعظيمه في مقابل ربّه ومولاه ، وهي بنفسها على قسمين أيضاً :
__________________
(١) قد ذكر في المحاضرات غسل الميّت بعنوان أحد الأمثلة للواجب التوصّلي مع أنّه لا إشكال في أنّه من الواجبات التعبّديّة ويعتبر فيه قصد القربة بل هو بنفسه أيضاً اعترف به في تعليقته على العروة ولعلّه من قبيل سهو القلم من ناحية المقرّر.