المقسم وتماميّة مقدّمات الحكمة فالتقابل بينهما لا محالة يكون تقابل العدم والملكة ، فإذا فرضنا في مورد عدم ورود الحكم على المقسم فلا معنى للتمسّك بالاطلاق قطعاً ، وما نحن فيه من هذا القبيل ، فإنّ انقسام المتعلّق بما إذا أتى به بقصد الأمر وعدمه يتوقّف على ورود الأمر فإنّه من الانقسامات الثانويّة ، فليس قبل تعلّق الأمر وفي رتبة سابقة عليه مقسّم أصلاً ، فالحكم لم يرد على المقسّم بل صحّة التقسيم نشأت من قبل الحكم فلا معنى للتمسّك بالاطلاق » (١).
والجواب عنه : ظهر ممّا سبق حيث إنّا لم نقبل عدم إمكان أخذ قصد الأمر في المتعلّق حتّى نلتزم بالإهمال بل قلنا بإمكانه من طرق ثلاثة : أخذ قصد الأمر في الأمر الأوّل ، وأخذه في الأمر الثاني ، وعدم انحصار التقرّب في قصد الأمر.
هذا كلّه بالنسبة إلى الأصل اللّفظي.
لو أنكرنا وجود الأصل اللّفظي إمّا من طريق عدم إمكان أخذ قصد الأمر في المأمور به أو عدم كون المولى في مقام البيان ، فما هو مقتضى الأصل العملي في المقام؟ فيه ثلاثة وجوه :
الوجه الأوّل : أنّ الأصل هو البراءة بمقتضى العقل والنقل ونتيجته التوصّلية ، وهذا هو المختار.
الوجه الثاني : عدم جريان البراءة لا عقلاً ولا شرعاً بل الأصل هو الاشتغال ونتيجته التعبّديّة وهذا ما ذهب إليه المحقّق الخراساني رحمهالله ومن تبعه.
الوجه الثالث : جريان البراءة الشرعيّة دون العقليّة.
أمّا القول الأوّل : فيظهر وجهه ممّا سنذكره في الجواب عن القول الثاني.
وأمّا القول الثاني : فاستدلّ لعدم جريان البراءة العقليّة فيه بما حاصله : إنّ الشكّ في المقام واقع في الخروج عن عهدة التكليف المعلوم ، والعقل يستقلّ بلزوم الخروج عن عهدته ، فإذا علمنا أنّ شيئاً خاصّاً كالعتق مثلاً واجب قطعاً ، ولم نعلم أنّه تعبّدي يعتبر فيه قصد القربة ، أم
__________________
(١) أجود التقريرات : ج ١ ، ص ١١٢ ـ ١١٣.