وجوب المباشرة في الأوامر وعدمه
إذا دار الأمر بين المباشرة والتسبيب ، أي شككنا في أنّ امتثال الأمر الفلاني مشروط بالمباشرة أو يكفي التسبيب أيضاً أو يسقط الأمر حتّى بإتيان العمل تبرّعاً فما هو مقتضى الأصل اللّفظي والعملي؟
توضيح ذلك : إنّ الأفعال على ثلاثة أقسام : قسم منها لا يقبل النيابة قطعاً ولا بدّ فيه من المباشرة كالصّلاة والصّيام في حياة المكلّف ، وقسم منها يقبل النيابة والتسبيب قطعاً كأداء الدَين بل يسقط بالأداء تبرّعاً ، وقسم منها يكون الأمر فيه دائراً بين الأمرين فلا نعلم هل تكفي فيه النيابة أو التبرّع أو لا؟ كوجوب قضاء صلوات الأب الميّت على ولده الأكبر ، فهل يجب عليه القضاء بالمباشرة أو يكفي التسبيب بغيره أو التبرّع من ناحية متبرّع ، ونظير بعض مناسك الحجّ كالطواف ورمي الجمرات ، ففي هذه الموارد ما هو مقتضى الإطلاقات والعمومات أوّلاً؟ وما هو مقتضى الأصل العملي ثانياً؟ فيقع البحث في مقامين.
وقد تعرّض لهذه المسألة بعض الأكابر في ذيل البحث عن التعبّدي والتوصّلي وذكر له مقدّمة ، وهي « أنّ خطاب المكلّف بالفعل الذي يسقط وجوبه عنه بفعل غيره لا يكون مشروطاً بعدم فعل الغير كما توهّم ، بل هو خطاب توجّه إليه في حين عدم فعل الغير كما هو شأن الواجب التخييري ، كما أنّ الخطاب في مثل هذا الواجب لم يتعلّق بالجامع بين فعل المكلّف وفعل غيره كما يتعلّق به في الواجب التخييري ، وذلك لخروج فعل الغير عن قدرته واختياره ، وكما أنّ الخطاب لم يتعلّق به بنحو التخيير بينه وبين التسبيب إلى فعل غيره لأنّ الجامع الذي يحصل به الغرض ليس مشتركاً بين فعل المكلّف وبين التسبيب إلى فعل غيره بل بين فعل المكلّف وبين نفس فعل الغير ، وإنّما العقل يرشد إلى المكلّف إلى ما يسقط به التكليف عنه وهو