في المرّة والتكرار
ولا بدّ قبل الورود في أصل البحث من تقديم أمرين :
الأمر الأوّل : في تعيين محلّ النزاع ، فهل هو مادّة الأمر أو هيئته؟
ذهب بعض ( وهو صاحب الفصول ) إلى أنّ النزاع في الهيئة فقط ، لأنّ المادّة هي المصدر بدون الألف واللام وهي تدلّ على صرف الطبيعة فقط بالاتّفاق.
ولكن أورد عليه المحقّق الخراساني رحمهالله بأنّ الاتّفاق على أنّ المصدر المجرّد عن اللام والتنوين لا يدلّ إلاّعلى الماهية ( على ما حكاه السكّاكي ) لا يوجب كون النزاع هيهنا في الهيئة ( فقط ) كما في الفصول ، فإنّه غفلة وذهول عن كون المصدر كذلك لا يوجب الاتّفاق على أنّ مادّة الصيغة لا تدلّ إلاّعلى الماهية ، ضرورة أنّ المصدر ليس مادّة لسائر المشتقّات بل هو صيغة مثلها ، كيف وقد عرفت في باب المشتقّ مباينة المصدر وسائر المشتقّات بحسب المعنى ، فكيف يكون مادّة لها بمعناه؟ فعليه يمكن دعوى اعتبار المرّة أو التكرار في مادّته ( أيضاً ) كما لا يخفى.
أقول : نعم ، يمكن حصر محلّ النزاع في الهيئة ولكن ببيان آخر ، وهو أنّ المرّة والتكرار من خصوصّيات الطلب الذي هو مفاد للهيئة كما أنّ الوجوب والاستحباب والفور والتراخي أيضاً من شؤون الطلب وهو مفاد للهيئة.
الأمر الثاني : قد يقال بأنّ هذه المسألة مرتبطة بمسألة الإجزاء ، فعلى القول بالاجزاء يدلّ الأمر على المرّة ، وعلى القول بعدمه يدلّ على التكرار.
ولكن الحقّ أنّه لا ربط بين المسألتين ، لأنّ الإجزاء عبارة عن إتيان المأمور به على وجهه ، فلو كان المأمور به إتيان العمل مرّة فإتيانه كذلك يوجب الإجزاء ، ولو كان المأمور