٣ ـ أن يكون قيداً احترازيّاً فيكون المعنى إتيان المأمور به مع جميع قيوده وشرائطه الشرعيّة والعقليّة المعتبرة فيه ، فيشمل الإتيان بالعبادات مع قصد القربة حتّى بناءً على مبنى القائلين بأنّ اعتباره بحكم العقل دون الشرع لعدم إمكان أخذه في المأمور به في لسان الشارع.
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى الوجه الثالث لا الوجه الثاني لأنّه لا خصوصيّة له من بين القيود والشرائط حتّى يختصّ بالذكر في عنوان البحث ، مضافاً إلى عدم اعتباره عند معظم الأصحاب ، ومضافاً إلى أنّ من قال باعتباره لم يقل به إلاّفي خصوص العبادات ، ومحلّ النزاع في ما نحن فيه أعمّ منها ومن غيرها ، ولا الوجه الأوّل لأنّ ظاهر القيود الواردة في عنوان البحث أنّها قيود احترازيّة لا توضيحية ، مضافاً إلى أنّه يستلزم خروج التعبّديات عن حريم النزاع بناءً على ما اختاره من كون اعتبار قصد القربة في العبادات هو بحكم العقل لا بحكم الشرع وذلك لوضوح عدم كون الإتيان بها على الكيفية المعتبرة فيها شرعاً ، بلا مراعاة لما اعتبر فيها عقلاً ـ مجزياً قطعاً.
أقول : المختار هو الوجه الأوّل ، وذلك لما اخترناه من إمكان أخذ قصد القربة في المأمور به ، مع أنّ الوجه الثالث لازمه كون مبنى جميع من عنون النزاع بالعبارة المزبورة هو مبنى المحقّق الخراساني رحمهالله من عدم إمكان أخذ قصد القربة في المأمور به شرعاً وهو غير ثابت.
وبعبارة اخرى : إنّ شبهة عدم إمكان أخذ قصد القربة في المأمور به شبهة حادثة في الأزمنة المتأخّرة ، فكيف يمكن أن يكون مبنى القدماء من الأصحاب عدم إمكان قصد القربة في المأمور به؟
فهل هو بمعنى العلّية والتأثير أو بمعنى الكشف والدلالة؟ ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله ( كما مرّ آنفاً في الأمر الأوّل ) إلى أنّه هو الاقتضاء بنحو العلّية ، ولذا قد نسب إلى الإتيان ، فلو كان المراد منه هو الدلالة والكشف كان الأنسب نسبته إلى الصيغة.
ثمّ قال : إن قلت : هذا إنّما يكون كذلك بالنسة إلى أمره لا بالنسبة إلى أمر آخر فلا يكون إتيان المأمور به في الأمر الاضطراري أو الظاهري علّة لاسقاط الأمر الواقعي الاختياري لأنّ النزاع في الحقيقة في دلالة دليلهما ( الأمر الاضطراري والأمر الظاهري ) على نحو يفيد الإجزاء وعدمها.