والإطلاقات ( مع قطع النظر عن الأدلّة الخاصّة ) كقوله صلىاللهعليهوآله « رفع ما اضطرّوا إليه ».
أمّا المقام الأوّل : وهو فيما إذا ارتفع الاضطرار في داخل الوقت ، فبالنسبة إلى الأدلّة الخاصّة لا بدّ من ملاحظة لسان هذه الأدلّة وأنّه هل هو لسان التنويع والتقسيم ، أي تنويع المكلّفين مثلاً إلى الواجدين للماء والفاقدين له ( كما في آية التميّم ) أو إلى السالمين والمرضى ، أو إلى القادرين على القيام والعاجزين عنه ، أو يكون لسانها لسان البدليّة حيث تجعل التيمّم مثلاً للفاقد للماء بدلاً عن الوضوء للواجد للماء؟
فعلى الأوّل : لا إشكال في أنّ مقتضى الإطلاق المقامي ( بناءً على كون المولى في مقام بيان تمام وظيفة المضطرّ ) هو الإجزاء ، فإنّ المولى إذا نوّع المكلّفين إلى أنواع وجعل لكلّ نوع منهم وظيفته الخاصّة به فأمر المكلّف الواجد للماء مثلاً بالصّلاة مع الطهارة المائيّة وأمر المكلّف الفاقد للماء بالصّلاة مع الطهارة الترابيّة ( وهكذا بالنسبة إلى سائر الأنواع ) ولم يحكم بالإعادة بعد رفع الاضطرار ، فيعلم من هذا التنويع مع هذا الإطلاق وعدم الحكم بالإعادة كفاية الاضطراري عن الواقعي وإجزائه عنه ، حيث إنّ المفروض أنّ المكلّف المضطرّ أيضاً كالمكلّف المختار أتى بوظيفته الخاصّة به ، فلو كانت الإعادة واجبة عليه لحكم المولى بها قطعاً بعد فرض كونه في مقام البيان.
كما لا إشكال في أنّ مقتضى إطلاقها الأزماني جواز البدار ، فمقتضى إطلاق قوله تعالى : ( ... فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ) من حيث الزمان وكذلك إطلاق قوله عليهالسلام « التراب أحد الطهورين » (١) أو قوله عليهالسلام« ويكفيك عشر سنين » (٢) كون التراب كافياً وطهوراً وقابلاً للتيمّم عليه في أيّ ساعة من ساعات الوقت ، أوّله أو وسطه أو آخره ، وهو معنى جواز البدار.
وعلى الثاني : أي ما إذا كان ظاهر لسان الدليل البدليّة بمعنى أنّ المولى يقول : أنّ المأمور به في باب الطهارة مثلاً إنّما هو الوضوء ولكن أتقبّل التيمّم حين الاضطرار بدلاً عن الوضوء ـ فالأصل في المأمور به إنّما هو الوضوء وأمّا التيمّم فهو فرع له وبدل عنه ، فحينئذٍ يلاحظ نطاق البدليّة وأنّ التيمّم مثلاً هل هو بدل مطلقاً أو أنّ بدليته مقيّدة بما لم يجد الماء في تمام الوقت؟ فعلى الأوّل يكون الحكم هو الإجزاء ، وعلى الثاني عدم الإجزاء ، ولا يبعد كون ظاهره مطلقاً
__________________
(١) التهذيب : ج ١ ، باب التيمّم وأحكامه.
(٢) نفس المصدر.