مقدّمة الواجب
ولا بدّ قبل الورود في أصل البحث من التكلّم في عدّة جهات :
في أنّ هذه المسألة هل هي من المسائل الاصوليّة أو أنّها مسألة فقهيّة ، أو أنّها كلاميّة ، أو هي من المبادىء الأحكاميّة للفقه؟ ففيها وجوه.
يمكن أن يقال أنّها اصوليّة نظراً إلى أنّ المهمّ المبحوث عنه في هذه المسألة إنّما هي الملازمة بين وجوب الشيء شرعاً ووجوب مقدّمته كذلك ، فيترتّب عليها وجوب المقدّمة شرعاً ، وهذا هو شأن المسألة الاصوليّة حيث إنّها تقع في طريق استنباط الأحكام الكلّية الفرعيّة الإلهيّة أو الوظيفة العمليّة ، ولا إشكال في أنّ وجوب المقدّمة شرعاً حكم كلّي فرعي إلهي يستنبط من وجود الملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة بناءً على قبولها.
ويمكن أن يقال بأنّها فقهيّة نظراً إلى أنّ موضوعها فعل المكلّف وهو المقدّمة في المقام ، ومحمولها الحكم الشرعي وهو الوجوب ، والبحث في ما نحن فيه يقع في وجوب المقدّمة وعدمه.
ويمكن أن يقال بأنّها كلاميّة لأنّها تبحث عن ترتّب الثواب على فعل المقدّمة والعقاب على تركها ( بناءً على وجوبها ) وهذا هو شأن المسألة الكلاميّة ( حيث إنّها تبحث عن شؤون المبدأ والمعاد ) لا لأنّها مسألة عقليّة كما قد يتوهّم فإنّ مجرّد كون البحث عنها عقليّاً لا يوجب دخولها في المسائل الكلاميّة ، ضرورة أنّ المسائل الكلاميّة صنف خاصّ من المسائل العقليّة وهي التي يبحث فيها عن المبدأ والمعاد فحسب.