الأجزاء شأن المعدّات في العلل الخارجيّة وتكون غالباً مقدّمة على وجود المعلول زماناً كوجود الحطب والآلة المحرقة في الإحراق.
ثالثاً : يمكن النقاش في بعض الأمثلة المذكورة في كلامه أيضاً كمثال العقد في الوصيّة والصرف والسلم حيث إنّ العقد بالنسبة إلى الملكيّة المتأخّرة فيها ليس من الشروط المتقدّمة لأنّه بوجوده الإنشائي مقارن لها وإن صارت الألفاظ معدومة حين صدور الإنشاء.
والأولى أن يقال : إنّ مقامنا هذا أيضاً يكون من موارد الخلط بين الامور التكوينيّة والامور الاعتباريّة ، فإنّا قد ذكرنا كراراً أنّ الأحكام الشرعيّة امور اعتباريّة لا واقع لها إلاّ اعتبار الشارع ولا صلة لها بالقواعد الحاكمة على الوجودات التكوينيّة الخارجيّة. وقضيّة استحالة التفكيك بين العلّة والمعلول تختصّ بالتكوينيات ، وأمّا الاعتباريات فأمر وضعها ورفعها وجعل الشرائط فيها مقارنة أو متأخّرة أو متقدّمة إنّما هو بيد الشارع المعتبر ، ولا يكون الشرط المعتبر فيها من مصاديق العلّة والسبب حتىّ يستلزم من تأخيره أو تقديمه محذوراً عقلاً ، فإنّ الشارع كما يمكن له اعتبار شرط مقارن للواجب يمكن له اعتبار شرط متقدّم عليه أو متأخّر عنه.
إن قلت : إنّ للشرائط الشرعيّة دخلاً في تحقّق المصالح المترتّبة على الواجبات ، ولا إشكال في أنّها مصالح واقعية تكوينيّة ، إذن كيف يمكن أن يؤثّر شرط اعتباري متأخّر في مصلحة تكوينيّة متقدّمة؟
قلنا : إنّ المصالح التكوينيّة المترتّبة على الواجبات الشرعيّة الاعتباريّة إنّما تتحقّق في الخارج بعد تحقّق الواجب الاعتباري بجميع أجزائه وشرائطه المقارنة والمتأخّرة والمتقدّمة ، فمصلحة صيام المستحاضة مثلاً تتحقّق في الخارج بعد تحقّق الصّيام بجميع شرائطه ومنها الغسل الليلي المتأخّر ولم يدّع أحد تحقّق المصلحة بمجرّد تحقّق الشرط المتقدّم أو المتأخّر فحسب ( أي يكون الشرط المتقدّم أو المتأخّر بمجرّده علّة في وجود المصلحة ) حتّى يلزم التفكيك بين العلّة والمعلول.
توضيح ذلك : إنّ منشأ عبادات الشرعيّة أنّها تعبّر عن نهاية الخضوع للشارع المقدّس ، وحينئذٍ نقول : كما أنّ الاحترامات العرفيّة كالقيام عند ورود الوالدين أو الاستاذ أو المولى وكالسلام والتحيّة إذا إشترطت بشروط متأخّرة ـ تنتزع منها عناوينها الخاصة وتترتّب