الإيجاد الاعتباري لا مانع من تعليقه ، ومعنى تعليقه أنّ المولى بعث عبده على تقدير وإلزام ، وحكم شيئاً عليه لو تحقّق شرطه ، ويقابله العدم المطلق أي إذا لم ينشأ ذلك على هذا النحو » (١).
أقول : إنّا لا ننكر ما يقع كثيراً مّا من الخلط بين الامور التكوينيّة والاعتباريّة وما يترتّب عليه من الإشكالات الكثيرة ، وما أكثرها في الفقه والاصول ، ولكن هذا ليس بمعنى عدم حكومة ضابطة في الاعتباريات مطلقاً ، والسرّ في ذلك والنكتة التي صارت مغفولاً عنها في المقام هي أنّه فرق بين المعتبر والاعتبار ، وإنّ ما يكون من الامور الاعتباريّة إنّما هو المعتبر ، وأمّا نفس الاعتبار فهو أمر تكويني ومحكوم للقوانين الحاكمة على التكوينيات ، فاعتبار الوجوب وإيجاده أمر تكويني دائر أمره بين الوجود والعدم ولا يتصوّر شيء ثالث بينهما ، ومجرّد تسمية شيء باسم الوجود التقديري أو المعلّق مصادرة إلى المطلوب ولا يرفع المحذور في المسألة ، ولذا لا يجتمع الاعتبار في زمان معيّن مع عدمه لعدم جواز الجمع بين النقيضين ، ومن هذا الباب ما نحن بصدده وهو أنّ الإيجاد الاعتباري لا معنى لكونه معلّقاً على شيء.
أضف إلى ذلك أنّ مسألة الوجود المعلّق والاشتراط بالقضيّة الشرطيّة لا تختصّ بالاعتباريات حتّى يكون مفتاح حلّ المشكل في اعتباريّة المسألة ، بل تتصوّر أيضاً في الامور التكوينيّة كما في قولك : « إن طلعت الشمس فالنهار موجود » فوجود النهار الذي صار معلّقاً على طلوع الشمس ليس من الاعتباريات كالملكية ، فهو إمّا موجود في الخارج أو ليس بموجود ولا ثالث بينهما فيعود الإشكال.
الوجه الرابع : ما يعتبر حلاً نهائيّاً في المسألة ، وهو عبارة عن تحليل معنى الاشتراط والتأمّل في حقيقة مفهوم « إن » الشرطيّة وما يسمّى في اللّغة الفارسيّة بـ « اگر » ، فنقول لا إشكال في أنّ مفاد كلمة « إنّ » ( اگر ) يساوق معنى كلمة « افرض » أي أن الإنسان يفرض أوّلاً وجود شيء في الخارج ثمّ يحكم عليه بحكم ويرتّب عليه آثاراً ، فيفرض مثلاً طلوع الشمس أوّلاً ثمّ يرتّب عليه وجود النهار ، فالقضية الشرطيّة حينئذٍ عبارة عن حكم على فرض.
__________________
(١) تهذيب الاصول : ج ١ ، ص ١٧٥ ـ ١٧٦ ، طبع مهر.