نستكشف من وحدة النتيجة وحدة الموضوع ، بل إنّها تحصل من النسبة القائمة بين الموضوع والمحمول في قولنا « الصّلاة واجبة » ، وحينئذٍ فليكن المستفاد من القاعدة وحدة النسبة لا وحدة الموضوع ، ( انتهى ما ذكره الأعلام في المقام ملخّصاً ).
أقول : الصحيح من هذه الإشكالات إنّما هو الأوّل الذي يندرج فيه الإشكال الثاني أيضاً ، وحاصلهما عدم جريان هذه القاعدة ـ على القول بها ـ في غير البسيط الحقيقي الخارجي ، ومنشأ الاستدلال بها في ما نحن فيه هو الخلط بين المسائل الاصوليّة التي هي من سنخ الاعتباريات وبين المسائل الفلسفية التي تدور حول الحقائق التكوينيّة ، فإنّ الفلسفة تبحث عن الحقائق الواقعيّة العينيّة ، والاصول يبحث عن امور اعتباريّة قانونيّة ، والفرق بين الأمرين غير خفيّ ، والمشاكل المتولّدة من ناحية هذا الخلط غير قليلة ، أي الخلط بين الحقائق والاعتباريات في طيّات أبواب علم الاصول من أوّله إلى آخره ، فلا تغفل.
وأمّا الإشكال الثالث : فيرد عليه إنّ الموضوعات في جميع مسائل الفقه امور وجوديّة وليس فيها أمر عدمي ، لأنّ موضوعات مسائل الفقه عبارة عن أفعال المكلّفين من دون واسطة كما في الأحكام التكليفيّة أو مع الواسطة كما في الامور الوضعيّة ، وهي وجوديّة بأسرها غاية الأمر تارةً يكون الفعل هو الكفّ كما في الصّيام واخرى هو الأعمال الخارجيّة.
وأمّا كونها من المقولات المتباينة ففيه : أنّ الموضوع المبحوث عنه في المسائل الفقهيّة إنّما هو فعل هذه الأوضاع والكيفيّات ، أعني إيجاد الركوع والسجود والقراءة وغيرها ، والفعل أمر واحد من مقولة واحدة.
وأمّا الإشكال الرابع : ففيه أنّ الغرض وإن كان ناشئاً من النسبة بين الموضوعات والمحمولات ، إلاّ أنّ وحدتها تنشأ من وحدتهما لأنّها قائمة بطرفيها فتكون وحدة النسب الموجودة في المسائل دليلاً على وحدة موضوعاتها.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا إنّه لا دليل على وجوب تحصيل موضوع واحد جامع لجميع موضوعات مسائل كلّ علم حتّى يبحث عن تعريفه وتحديده كما فعله جمع كثير من الأصحاب.
قد يقال : إن لم يكن ملاك وحدة العلم وحدة الموضوع كما مرّ فما هو الملاك في اتّحاد مسائل العلم وانسجامها؟