وأمّا العلم بالمكلّف به فكذلك يمكن القول بوجوب تحصيله في الجملة ، وهو ما إذا علم بحصول الاستطاعة وعدم إمكان تحصيل العلم بالمناسك في الموسم ، فلا يبعد حينئذ القول بوجوب تحصيل العلم بها من باب حفظ غرض المولى مع أنّه ليس الحجّ واجباً فعلاً.
ثمّ إذا شككنا في أنّ الواجب مطلق أو مشروط فما هو مقتضى القاعدة؟ سيأتي الكلام عنه في ذيل البحث عن الواجب المعلّق فانتظر.
إلى هنا تمّ الكلام في التقسيم الأوّل للواجب.
وقد عرّف الواجب المنجّز في كلام صاحب الفصول المبتكر لهذا التقسيم بما يتعلّق وجوبه بالمكلّف ولا يتوقّف حصوله على أمر غير مقدور له كالمعرفة ، وعرّف الواجب المعلّق بما يتعلّق وجوبه به ويتوقّف حصوله على أمر غير مقدور كالحجّ ( بالنسبة إلى حلول زمانه ) فإنّ وجوبه يتعلّق بالمكلّف من أوّل زمن الاستطاعة أو خروج الرفقة ، ويتوقّف فعله على مجيء وقته وهو غير مقدور له (١).
نعم أنّه عمّم المعلّق في ذيل كلامه إلى ما يتوقّف على أمر مقدور أيضاً ، وقال : « واعلم أنّه كما يصحّ أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر غير مقدور وقد عرفت بيانه ، كذلك يصحّ أن يكون وجوبه على تقدير حصول أمر مقدور فيكون بحيث لا يجب على تقدير عدم حصوله ، وعلى تقدير حصوله يكون واجباً قبل حصوله ، وذلك كما لو توقّف الحجّ المنذور على ركوب الدابة المغصوبة » (٢).
ولكن يمكن النقاش في تمثيله للمقدور بالحجّ المنذور المتوقّف على ركوب الدابّة المغصوبة لأنّ ركوب الدابّة المغصوبة غير مقدور شرعاً والمنع الشرعي كالمنع العقلي ، وكان يمكن له التمثيل بأمر مقدور مباح لا يترشّح إليه الوجوب وهو ما إذا أخذه المولى قيداً للواجب بنحو لا
__________________
(١) الفصول : ص ٧٩.
(٢) المصدر السابق : ص ٨٠ ـ ٨١.