بوجوب إكرام ضيوفه يوم الجمعة من هذا اليوم وجوب تهيئة مقدّمات الإكرام من هذا اليوم ، وأمّا الاحتمال الآخر الذي يكون احتمالاً رابعاً في المسألة وهو أن يتعلّق الوجوب من الآن بذي المقدّمة ( لا المقدّمة ) الذي يأتي فيما بعد فمردود لاشتماله على التناقض كما مرّ ، وليت شعري كيف يرضى القائل بالواجب المعلّق بمثل هذا التناقض الواضح بأن يقول المولى للعبد : « أيّها العبد اريد منك الآن إكرام زيد في يوم الجمعة » فله أن يقول في جوابه : « إن كنت تريد الآن فلماذا تقول يوم الجمعة؟ وإن كنت تريد يوم الجمعة فلماذا تقول الآن؟ » إلاّ أن يكون مرادك تهيئة المقدّمات من الآن.
والثمرة التي تتصوّر في المسألة وهي التي دعت صاحب الفصول إلى القول بالواجب المعلّق إنّما هي حلّ فتاوى في الفقه لم يكن لها توجيه عنده إلاّكونها من قبيل الواجب المعلّق.
منها : فتواهم بوجوب تهيئة مقدّمات الحجّ قبل الموسم وبعد الاستطاعة.
ومنها : فتواهم بوجوب الأغسال في الليل للجنب والحائض والمستحاضة في شهر رمضان قبل طلوع الفجر.
ومنها : فتواهم بوجوب تعلّم أحكام الصّلاة قبل مجيء وقتها إذا علم بعدم القدرة على التعلّم بعده ، فكأنّ صاحب الفصول لم ير طريقاً للتخلّص عن هذه الفتاوي إلاّ القول بتصوّر قسم للواجب سمّاه بالواجب المعلّق.
ولكن الإنصاف أنّ الطريق ليس منحصراً في ذلك بل هناك طرق اخرى لتوجيهها يمكن قبول بعضها :
منها : طريق الواجب المشروط على نحو ما نسب إلى الشّيخ الأعظم رحمهالله ، ولكن قد مرّ أنّه نفس الواجب المعلّق وليس أمراً آخر.
ومنها : أنّ الإجماع قام على وجوب هذه الامور وجوباً نفسياً تهيّئياً ، أمّا كونه نفسياً فلعدم إمكان ترشّحه من وجوب ذي المقدّمة بناءً على أنّ المفروض عدم كون ذي المقدّمة واجباً فعلاً ، وأمّا كونه تهيئياً فلأنّه وإن لم يترشّح من وجوب ذي المقدّمة ولكن الحكمة فيه هي التهيّؤ