الصورة الثانيّة : ما إذا شككنا فيها بعد مجيء وقت ما يحتمل كون المشكوك مقدّمة له وبعد فعليّة وجوبه ، فالأصل فيه أيضاً هو البراءة عن وجوب إتيانه قبل إتيان ذي المقدّمة ، لأنّ الشكّ يرجع إلى الشكّ في وجوب إتيانه قبل ذي المقدّمة ، أي يرجع إلى الشكّ في الشرطيّة ، أعني شرطيّة الغسل للصّلاة مثلاً ، والأصل فيه هو البراءة ، نعم يجب الإتيان بهذا الواجب على كلّ حال للعلم بوجوبه حينئذ ، إمّا لنفسه أو لغيره.
الصورة الثالثة : ما إذا جاء وقت ما يحتمل كونه ذا المقدّمة ومضي وقته كما إذا صارت المرأة حائضاً بعد دخول وقت الصّلاة بعد أن كانت جنباً ، فلا نعلم أنّ غسل الجنابة واجب غيري حتّى يظهر سقوط وجوبه بسقوط وجوب الصّلاة أو أنّه واجب نفسي حتّى يكون باقياً على وجوبه؟
لا إشكال في أنّ الأصل هو الاستصحاب حيث إنّ الشكّ هنا يرجع إلى الشكّ في سقوط وجوب ثبت من قبل ، والأصل بقاؤه ( بناءً على قول القائلين بجريان الاستصحاب في الشبهات الحكمية ).
بقي هنا امور :
ما أفاده بعض الأعلام من أنّه « قد يتوهّم أنّ هنا قسماً آخر من الواجب لا يكون نفسياً ولا غيريّاً ، وذلك كالمقدّمات المفوتة مثل غسل الجنب ليلاً لصوم غد ، وركوب الدابّة ونحوه للإتيان بالحجّ في وقته بناءً على استحالة الواجب التعليقي.
أمّا أنّه ليس بواجب غيري فلأنّ الواجب الغيري على مسلك المشهور ما كان وجوبه معلولاً لوجوب واجب نفسي ومترشّح منه ، فلا يعقل وجوبه قبل إيجابه ، وأمّا أنّه ليس بواجب نفسي فلأنّ الواجب النفسي ما يستوجب تركه العقاب ، والمفروض أنّ ترك هذا الواجب لا يستوجب العقاب عليه وإنّما يستحقّ العقاب على ترك ذي المقدّمة » (١).
__________________
(١) المحاضرات : ج ٢ ، ص ٣٨٧.