ومشتريها وآكل ثمنها » (١) ، حيث إنّ ذا المقدّمة في باب الخمر إنّما هو شربه فقط ، وأمّا سائر العناوين ( غير آكل الثمن الذي يكون من اللوازم المترتّبة على بيع الخمر ) فهي من المقدّمات كما لا يخفى.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ لعن رسول الله صلىاللهعليهوآله إنّما هو من باب دخول هذه العناوين تحت عنوان جامع آخر محرّم ، وهو عنوان « الإعانة على الإثم » ، ومن المعلوم أنّه عنوان محرّم نفسي لا مقدّمي.
ولكن الظاهر من أدلّة حرمة التعاون على الإثم كقوله تعالى : ( وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) أنّه عنوان يرجع إلى فعل الغير ، أي المراد منه اعانة الغير على الإثم ، فلا يعمّ اعانة الإنسان نفسه على الإثم ، بينما هذه الرّواية تشمل من غرس الكرم بقصد أن يصنع من عنبها خمراً لنفسه أيضاً ، وهذا يشهد على أنّ اللعن فيها ليس بملاك تطبيق عنوان التعاون على الإثم فقط بل يشمله وغيره ، فتدبّر جيّداً.
وقد اشتهر فيها الإشكال من ثلاثة جوانب :
الأوّل : أنّها تعدّ من العبادات ويترتّب عليها الثواب ، فكيف يجتمع مع القول بعدم ترتّب الثواب على المقدّمة؟
الثاني : أنّه يشترط فيها قصد التقرّب مع عدم إمكان التقرّب بالأمر الغيري المقدّمي.
الثالث : أنّ عباديّة هذه الطهارات متوقّفة على قصد أمرها الغيري مع أنّ قصد الأمر فيها أيضاً متوقّف على عباديتها ، لأنّ قصد الأمر متفرّع على تعلّق أمر بالمقدّمة بما هي مقدّمة ، والمقدّمة في المقام هي الطهارات الثلاث بوصف أنّها عبادة ، فيلزم الدور.
وقد اجيب عنها بوجوه :
الوجه الأوّل : ما هو المختار في الجواب عن الأوّل والثاني من إمكان التقرّب بالمقدّمة وترتّب الثواب عليها إذا أتى بها بقصد التوصّل إلى ذي المقدّمة.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ج ١٢ ، الباب ٥٥ ، من أبواب كتاب التجارة ، ح ٤ ، وهناك روايات اخر بهذا المعنى في نفس الباب.