مع أنّه بناءً على تفسير القوم داخل في العرض الغريب لأنّ النار مباينة للماء ، والغريب ما يعرض الشيء مع واسطة في العروض ، أي بالعناية والمجاز ، نحو عروض الحركة على الجالس في السفينة في جملة « زيد متحرّك » حيث إنّ المتحرّك الحقيقي إنّما هو نفس السفينة.
ثمّ قال : المبحوث عنه في العلوم ما يعرض الموضوع إمّا بلا واسطة في العروض أو مع واسطة في الثبوت ، أي ما يعرض على الموضوع حقيقة لا عناية ومجازاً.
أقول : دليل كلامه واضح فإنّه من القضايا التي قياساتها معها لوضوح إنّه لا يبحث في العلوم عن العوارض المجازيّة. اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ مسائل العلوم لا تنحصر في العوارض الذاتيّة بهذا المعنى فحسب بل قد تشمل العوارض مع الواسطة في العروض أيضاً ، فمثلاً في البحث عن السير والتاريخ وحالات الأشخاص ينضمّ إليها البحث عن حالات آبائهم وأبنائهم وأصحابهم مع أنّه يكون من قبيل « زيد قائم أبوه » والمجاز في الإسناد.
كما أنّ قول بعضهم ( وهو المحقّق الخراساني رحمهالله ) : « إنّ موضوع كلّ علم ... هو نفس موضوعات مسائله عيناً ... وإن كان يغايرها مفهوماً تغاير الكلّي ومصاديقه والطبيعي وأفراده » ينقتض ببعض العلوم الدارجة كعلمي الجغرافيا والهيئة وما شابههما ممّا تكون النسبة بين موضوعها وموضوعات مسائلها نسبة الكلّ إلى أجزائه ولا إشكال في أنّ عوارض الجزء لا تعدّ من العوارض الذاتيّة للكلّ ( بناءً على كلا التفسيرين المذكورين للعارض الذاتي ) إلاّ بنحو من التكلّف ، ضرورة أنّ عارض الجزء وخاصّته عارض لنفس الجزء لا للكلّ الذي تركّب منه ومن غيره إلاّعلى نحو المجاز في الإسناد الذي مرّ ذكره آنفاً.
هذا كلّه بالنسبة إلى المسألة الاولى من المسائل الأربعة في الأمر الأوّل.
ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّ تمايز العلوم بتمايز الأغراض واستدلّ عليه بوجهين :
الأوّل : إنّه لو لم يكن بالأغراض فليكن بالموضوعات وهو يستلزم أن يكون كلّ باب بل كلّ مسألة من كلّ علم علماً على حدة لشموله على موضوع على حدة.
الثاني : أنّ التمايز بالموضوعات يلزم منه تداخل العلوم بعضها في بعض لأنّه قد يكون شيء واحد موضوعاً لمسألة يبحث عنها في علوم عديدة ( كموضوع « التوبة » فإنّها يبحث عنها في