المكلّف بها بقصد هذه المحبوبيّة ولو بعد دخول الوقت حصلت العبادة بلا إشكال.
النكتة الثانيّة : إذا أتى المكلّف بالطهارات الثلاث بداعي التوصّل إلى الواجب النفسي وكان غافلاً عن محبوبيّتها النفسيّة ، ثمّ بدا له في الإتيان بذلك الواجب أو نسيه أو مضى وقته ، فهل تقع الطهارات حينئذٍ عبادة حتّى يمكن له إتيان ذلك الواجب بعد الوقت أو إتيان سائر الغايات المترتّبة على الطهارات ، أو لا؟
يختلف الجواب باختلاف المباني في المقدّمة ، فإن قلنا بأنّ الواجب من المقدّمة إنّما هو المقدّمة الموصلة إلى ذي المقدّمة ، فلا إشكال في بطلان الطهارة حينئذٍ لعدم تحقّق شرط المقدّمة وهو الإيصال ، وإن قلنا بكفاية قصد التوصّل إلى ذي المقدّمة وأنّه لا يضرّ عدم الإيصال الفعلي إلى ذي المقدّمة لوجود مانع فلا إشكال أيضاً في صحّة الطهارة ووقوعها عبادة عند وجود المانع ، وحينئذٍ يمكن إتيان سائر الغايات ، وهكذا إن قلنا بأنّ الواجب هو المقدّمة مطلقاً كما لا يخفى.
هذا كلّه بناءً على اشتراط قصد الأمر في تحقّق العبادة.
وأمّا بناءً على عدم اعتباره وكفاية الحسن الذاتي ( وهو كون الفعل قريباً وحسناً ذاتاً ) مع الحسن الفاعلي ( أي كون الفاعل قاصداً للتقرّب به إلى الله ) كما هو الحقّ عندنا في محلّه فلا إشكال في صحّة الطهارة ووقوعها عبادة ، فيصحّ الإتيان بسائر الغايات ، ومن هنا يظهر الحال فيما إذا اغتسل الجنب لصلاة الصبح ثمّ تبيّن له طلوع الشمس قبل أن يصلّي.
إنّ الأصالة والتبعيّة تارةً : تلحظان بالنسبة إلى مقام الدلالة والإثبات كما لاحظهما المحقّق القمّي وصاحب الفصول رحمهما الله ، فعرّفهما المحقّق القمّي رحمهالله بأنّ الواجب الأصلي ما يكون مقصوداً بالإفادة من الكلام ، والواجب التبعي ما لا يكون مقصوداً بالإفادة من الكلام ، وإن استفيد تبعاً ، كدلالة الآيتين على أقلّ الحمل.
وعرّفهما المحقّق صاحب الفصول رحمهالله بأنّ الأصلي ما فهم وجوبه بخطاب مستقلّ ، أي غير