أطاع وامتثل حتّى في ما إذا لم يكن من قصده الانقاذ ، نعم إنّه تجري حينئذٍ على المولى فيعاقب على التجرّي بناءً على ترتّب العقاب عليه ، كما أنّه إذا قصد الانقاذ ولم ينقذ لعذر فقد عصى ولم يمتثل أمر المولى في الواقع ولكن لا يعاقب عليه لكونه معذوراً بحسب قصده واعتقاده ، وبعبارة اخرى : يترتّب على فعله مفسدة من دون المصلحة الراجحة ولكنّه معذور لعدم علمه بذلك.
الأمر الثاني : أنّ العقل لا يأبى عن النهي عن المقدّمة غير الموصلة بأن يقول الآمر الحكيم مثلاً ، إنّي اريد الحجّ واريد المسير الذي يتوصّل به إليه ولا اريد المسير الذي لا يتوصّل به إليه ، فإنّ جواز هذا النهي عند العقل شاهد على أنّ الواجب هو خصوص المقدّمة الموصلة لأنّه لا تخصيص في حكم العقل.
الأمر الثالث : تقيّد الغرض بالمقدّمة الموصلة ، حيث إنّ الغرض وهو الوصول إلى ذي المقدّمة يترتّب على خصوص الموصلة كما مرّ ، وأمّا قول المحقّق الخراساني رحمهالله من أنّ الغرض هو التمكّن من الوصول وهو يترتّب على مطلق المقدّمة فقد مرّ الجواب عنه بأنّه غرض ابتدائي ، والغرض النهائي إنّما هو الوصول إلى ذي المقدّمة.
وقد ذكر لها عدّة ثمرات :
الثمرة الاولى : ما عرفت في المقدّمات المحرّمة كالدخول في الأرض المغصوبة لانقاذ الغريق حيث إنّه إن قلنا بوجوب المقدّمة مطلقاً يصير الدخول فيها مباحاً وإن لم يقصد به الانقاذ ولم يتحقّق بعده الانقاذ ، وأمّا إن قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة فلا يصير الدخول مباحاً إلاّ في صورة تحقّق الانقاذ خارجاً ، نعم أنّه لا يعاقب على الدخول إذا قصد به الانقاذ ولم يقدر عليه لمانع كما مرّ آنفاً.
الثمرة الثانيّة : بطلان الوضوء ( وسائر المقدّمات العباديّة ) فيما إذا أتى به ولم يأت بالصّلاة بعده بناءً على عدم كون الوضوء مطلوباً نفسيّاً واعتبار قصد الأمر في العبادة ، لأنّه إن قلنا بوجوب خصوص المقدّمة الموصلة فحيث إنّ هذا الوضوء لم يكن موصلاً فلم يكن مأموراً به فوقع باطلاً ، بخلاف ما إذا كان الواجب مطلق المقدّمة ( ويجري مثل هذا الكلام في أمثال الوضوء كالغسل وغيره ).