الجهة السادسة : في ثمرة القول بوجوب المقدّمة
إن قلنا بأنّ المسألة اصوليّة وأنّ البحث فيها في ثبوت الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها وعدمها فلا إشكال في أنّ الثمرة حينئذٍ هي ثبوت الملازمة بين وجوب كلّ واجب ووجوب مقدّماته ، وهي ثمرة لمسألة اصوليّة تقع كبرى قياس استنباط الأحكام الفرعيّة فيقال مثلاً : الملازمة ثابتة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها ، والصّلاة واجبة فتجب جميع مقدّماتها ، وأمّا إن قلنا بأنّ المسألة قاعدة فقهيّة كما هو المختار ومقتضى ما عنونه المشهور ( من أنّ المقدّمة واجبة أم لا؟ ) فتكون النتيجة وجوب كلّ مقدّمة وهو حكم كلّي فرعي يستنتج منه أحكام فرعيّة جزئيّة.
ولكن قد خالف فيه بعض وقال بأنّ هذه الثمرة لا أثر لها ، أمّا أوّلاً : فلأنّ هذا الوجوب ممّا لا أثر له حيث إنّه وجوب غيري لا يترتّب عليه ثواب ولا عقاب ولا يمكن التقرّب به.
وأمّا ثانياً : فلما ذكره بعض الأعلام من أنّه لا إشكال في اللابدّية العقليّة في باب المقدّمة ، ومعها يكون إيجاب آخر شرعي لغواً لا أثر له.
ولكن كلا الوجيهن غير تامّ أمّا الأوّل : فلما مرّ من إمكان التقرّب بالواجب الغيري وأنّه يترتّب عليه أيضاً الثواب.
وأمّا الثاني : فلأنّه يرجع في الحقيقة إلى عدم وجوب المقدّمة شرعاً مع أنّ النزاع في ترتّب الثمرة وعدمه مبني على وجوب المقدّمة كذلك.
هذا كلّه في الثمرة الاولى وهي امّ الثمرات.
ثمّ إنّه قد ذكروا لبحث مقدّمة الواجب ثمرات اخرى :
الثمرة الاولى : أنّه على القول بوجوب المقدّمة إذا نذر الإتيان بواجب شرعي فيحصل البرء من النذر بالإتيان بمقدّمة من مقدّمات الواجب ، وعلى القول بعدمه لا يحصل البرء به.
ويرد عليه :
أوّلاً : أنّ هذا ليس ثمرة لمسألة اصوليّة تقع كبرى لقياس الاستنباط بل إنّه بحث موضوعي في أنّه هل تكون المقدّمة من مصاديق عنوان الواجب الذي تعلّق به النذر أو لا؟ والمعروف أنّ