من دون فرق بين وجوب المقدّمة وعدمه ، وتترتّب عليها بناءً على جواز الاجتماع من دون فرق أيضاً بين وجوب المقدّمة وعدمه.
توضيح ذلك : إذا قلنا بجواز الاجتماع وكانت المقدّمة عباديّة ( وهي منحصرة حينئذٍ في الطهارات الثلاث ) كانت المقدّمة صحيحة يترتّب عليها ذوها ، وهي الصّلاة ، وإن لم نقل بوجوب المقدّمة لأنّ حسنها الذاتي في الطهارات الثلاث يكفي في صحّتها وعباديتها فلا حاجة إلى تعلّق أمر مقدّمي بها ، وأمّا إذا قلنا بإمتناع الاجتماع فتكون المقدّمة باطلة لا يترتّب عليها ذوها بلا فرق أيضاً بين وجوب المقدّمة وعدمه ، لأنّها باطلة لوقوع المزاحمة بين الأمر والنهي ، لأنّ المفروض هو امتناع الاجتماع وترجيح جانب النهي ، هذا إذا كانت المقدّمة واجبة ، وإلاّ كان البطلان أوضح.
أقول : يمكن الجواب عن هذا الإيراد أيضاً بأنّه لقائل أن يقول : بعدم الحسن الذاتي للطهارات الثلاث فيحتاج لعباديتها حينئذٍ إلى قصد الأمر ، فوجوب المقدّمة يوجب صحّة الطهارات الثلاث حتّى عند من أنكر حسنها الذاتي ( بناءً على جواز اجتماع الأمر والنهي وكفاية الأمر المقدّمي في قصد القربة ).
الجهة السابعة : في تأسيس الأصل في المسألة
وفائدته تعيين من يجب عليه إقامة الدليل ويكون قوله مخالفاً للأصل الأوّلي في المقام ، ومن لا يجب عليه إقامة الدليل لكون قوله موافقاً للأصل ، وهذا واضح لا غبار عليه.
لا إشكال في أنّه لا معنى للأصل العملي في ما نحن فيه إذا كانت المسألة اصوليّة ، أي كان المبحوث عنه فيها وجود الملازمة وعدمه بين وجوب المقدّمة شرعاً ووجوب ذيها ، كما صرّح به المحقّق الخراساني رحمهالله ، وذلك لأنّ الملازمة ممّا ليست لها حالة سابقة عدميّة كي تستصحب إلاّ على القول بالاستصحاب للعدم الأزلي.
وأمّا بناءً على كون المسألة فقهيّة أو قاعدة فقهيّة أي كون النزاع في وجوب المقدّمة وعدمه ، فمقتضى أصل الاستصحاب عدم وجوبها ، لأنّ وجوب المقدّمة شرعاً لو قيل به أمر حادث مسبوق بالعدم ، فإذا شكّ فيه يستصحب عدمه.