بالمسبّب إلى السبب ، فيكون وجوب السبب نفسيّاً لا من باب المقدّمة (١).
أقول : يرد عليه أنّ المهمّ في المقام إنّما هو صدق عنوان المقدور وعدمه وكون ذي المقدّمة مقدوراً للإنسان أم لا ، لا صدق إنّها فعل للإنسان عرفاً وعدمه ، ولا إشكال في أنّ مثل الإحراق يصدق عليه أنّه مقدور للإنسان ، لأنّ المقدور بالواسطة مقدور ولو فرض عدم عدّه من أفعاله عند العرف ، بل الإنصاف صدق كونه فعلاً له عرفاً ولو بالتسبيب لقوّة السبب بالنسبة إلى المباشر في هذه المقامات ، والمهمّ أنّ الملاك في جميع هذه الموارد قائم بذي المقدّمة دون مقدّمته ، فتكون واجباً بالوجوب الغيري.
قد يفصّل في وجوب المقدمة بين الشرط الشرعي وغيره ، بمعنى أنّ مثل الطهارات الثلاث والستر والقبلة ونحو ذلك من الشرائط الشرعيّة واجب شرعاً ، نظراً إلى أنّه لولا وجوبه شرعاً لما كان شرطاً ، فإنّه ليس ممّا لا بدّ منه عقلاً أو عادة كي يعرف بذلك أنّه شرط ، فإذا كان مع ذلك شرطاً يعرف أنّه واجب شرعاً وبه صار شرطاً ، وأمّا غيره من المقدّمات العقليّة والعاديّة كالسير إلى الحجّ أو دخول السوق لشراء اللحم أو نصب السلّم للصعود على السطح ونحو ذلك ممّا يتوقّف عليه الواجب عقلاً أو عادةً فهو غير واجب شرعاً.
وقد اورد عليه :
أوّلاً : بأنّه ربّما يستفاد شرطيّة شيء من طريق بيان حكم وضعي كالطهارة التي تستفاد شرطيتها للصّلاة من قوله عليهالسلام « لا صلاة إلاّمع الطهور » أو قوله عليهالسلام : « صلّ مع الطهور » فلا تتوقّف إثبات شرطيّة الشرائط الشرعيّة على تعلّق أمر تكليفي بها حتّى يلزم منه تعلّق الوجوب بها شرعاً.
وثانياً : إنّ قبول وجوب المقدّمة في بعض المقدّمات كالمقدّمات الشرعيّة يستلزم قبوله في سائر المقدّمات لوحدة الملاك ، فإنّ ملاك الوجوب في المقدّمات الشرعيّة إنّما هو مقدّميتها للواجبات وهي موجودة في غيرها أيضاً.
__________________
(١) راجع درر الفوائد : ج ١ ، ص ١٢٢ ـ ١٩٩ طبع جماعة المدرّسين.