ثالثاً : قد مرّ سابقاً أنّ الشرائط الشرعيّة ترجع حقيقة إلى شرائط عقليّة ومقدّمات عقليّة ، وأنّ غاية الفرق بينهما أنّ الكاشف عن التوقّف في المقدّمات الشرعيّة هو الخطاب الشرعي ، بينما الكاشف عن التوقّف في المقدّمات العقليّة هو العقل فقط.
رابعاً : إنّ لازم ما ذكر من أنّه « لولا وجوبه شرعاً لما كان شرطاً » هو الدور المحال ، لأنّ الوجوب الشرعي أيضاً يتوقّف على كون المتعلّق شرطاً ، فالشرطيّة تتوقّف على الوجوب الشرعي ، والوجوب الشرعي أيضاً متوقّف على الشرطيّة ( هذا مع قطع النظر عن كون الشرطيّة للواجب منتزعة من الأمر بشيء واعتباره فيه ولكن مع ذلك لولا دخله في الملاك لما أمر به المولى الحكيم ).
لا إشكال في أنّ بعض الوجوه المزبورة التي استدلّ بها لوجوب مقدّمة الواجب تعمّ مقدّمة المستحبّ أيضاً ، فتدلّ على ثبوت الملازمة بين المستحبّ ومقدّمته ، وهو ظاهر بالنسبة إلى دليل الوجدان ودليل تطابق الإرادتين ( الإرادة التكوينيّة والإرادة التشريعيّة ) فإنّ الوجدان حاكم بأنّ المولى إذا تعلّقت إرادته غير الإلزاميّة بشيء تعلّقت بمقدّماته لا محالة كذلك ، كما أنّ العقل أيضاً يحكم بأنّ الإرادة التشريعيّة المتعلّقة بالمستحبّات كالإرادة التكوينيّة التي تتعلّق بعمل راجح غير إلزامي ، فكما أنّ المباشر لإتيان عمل راجح يريد مقدّماته على حدّ الرجحان فكذلك غير المباشر الذي أراد إتيان عمل بالتسبيب والتشريع.
هذا ـ مضافاً إلى جريان الوجه الثالث من الوجوه السابقة في المقام ، وهو الأوامر التي وردت في لسان الشارع وتعلّقت ببعض المقدّمات المستحبّة كالذهاب إلى المسجد والجلوس فيه منتظراً لإقامة الصّلاة عن جماعة وغيرهما.
وفيها تفصيل نظير ما مرّ في مقدّمة الواجب ، فإنّها أيضاً تنقسم إلى أربعة أقسام :
أوّلها : ما يكون من قبيل الأسباب التوليديّة ، سواء كانت العلّة التامّة أو الجزء الأخير منها كالإلقاء في النار بالنسبة إلى الإحراق.
ثانيها : ما يكون من قبيل العلّة الناقصة لايجاد ذي المقدّمة ولكن المكلّف يقصد بإتيانها