أقول : أضف إلى ذلك كلّه أنّ القول بأنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بذواتها وهكذا القول الأوّل ( وهو أنّ الموضوع الأدلّة الأربعة بوصف كونها أدلّة ) ينافي ما التزموا به من لزوم وحدة الموضوع لأنّه لا جامع بين الأدلّة الأربعة.
وأمّا ما اختاره المحقّق الخراساني رحمهالله من « أنّ موضوع علم الاصول هو الكلّي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتّة » من دون أن يذكر له عنواناً خاصّاً واسماً مخصوصاً بإعتذاره بعدم دخل ذلك في موضوعيّته أصلاً ـ ففيه إشكال ظاهر لأنّه في الحقيقة فرار عن الإشكال ، وليس بحلّ له ، لأنّه لقائل أن يقول : أي دليل على وجود جامع واحد بين موضوعات المسائل بعد ما مرّ من المناقشة في التمسّك بقاعدة الواحد في هذا المجال؟ مضافاً إلى أنّه تعريف بأمر مبهم لا فائدة فيه ، ولا يناسب ما يراد من بيان موضوع العلم لا سيّما للمبتديء.
وهاهنا قول رابع ، وهو ما أفاده المحقّق البروجردي رحمهالله من أنّ موضوع علم الاصول هو « الحجّة في الفقه » ، ولا يخفى أنّه أقلّ اشكالاً من الأقوال السابقة لأنّ عنوان « الحجّة في الفقه » عنوان جامع واحد لجميع الأدلّة فلا يرد عليه ما أُورد على القول الأوّل والثاني ، مضافاً إلى وضوحه وعدم ابهامه ، فيكون سالماً عمّا أوردناه على مقالة المحقّق الخراساني رحمهالله ، ومضافاً إلى شموله للُاصول العمليّة بأسرها لشموله للاستصحاب مثلاً ، لأنّه لا ريب في إنّه حجّة وإن لم يكن دليلاً ، كما يشمل أيضاً الظنّ الانسدادي حتّى على الحكومة لكونه حجّة ومعذّراً عن العقاب ، والاحتياط العقلي والبراءة العقليّة لأنّ الأوّل حجّة ومنجّز ، والثاني حجّة ومعذّر ، وحينئذ لا يرد على قوله ما اورد على مقالة صاحب الفصول كما لا يخفى.
الأوّل : إنّه لا يعمّ المباحث اللّفظيّة لأنّها لا تعدّ حجّة في الفقه لعدم اختصاصها بالألفاظ المستعملة في خصوص لسان الشارع بل إنّها قواعد عامّة تجري في جميع الألفاظ واللغات ، فإنّ قضيّة « صيغة الأمر تدلّ على الوجوب » مثلاً قاعدة لفظيّة عامّة تجري في جميع الأوامر شرعيّة كانت أو عرفيّة.
ولكن يمكن الجواب عنه بأنّ دلالة الأمر على الوجوب مثلاً تكون بمنزلة عرض عامّ يعرض الأوامر الشرعيّة أيضاً ، فيمكن أن تعدّ الأوامر الشرعيّة بهذا اللحاظ مصداقاً من