بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه أو لا » مال إلى كونها فقهيّة ، لأنّ الكلام حينئذٍ في حرمة الضدّ وعدمها وهي مسألة فقهيّة.
والصحيح أنّها من القواعد الفقهيّة لأنّ تعريف القاعدة الفقهيّة وهو « ما يشتمل على حكم كلّي لا يختصّ بباب دون باب أو بكتاب دون كتاب » صادق على حرمة الضدّ ، وهو واضح بعد أن كان المختار في عنوان المسألة أنّ الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضدّه أو لا؟ ولذلك لا يمكن إيكال تطبيق هذه المسألة على مصاديقها إلى المقلّد بل هو من وظيفة المجتهد كما في سائر القواعد الفقهيّة.
ولا نأبى مع ذلك عن ذكرها في الاصول وما أكثر نظائرها المذكورة في الاصول أيضاً.
ذهب المشهور إلى أنّه أعمّ من أن يكون بنحو المطابقة والعينية أو التضمّن أو الالتزام ، ويشهد له ما سيأتي في مبحث الضدّ العامّ من أنّ بعضهم ذهب إلى أنّ الأمر بالشيء عين النهي عن ضدّه العامّ ، وبعض آخر إلى أنّ النهي عن ضدّ شيء جزء للأمر به ، وذهب ثالث إلى أنّه من لوازمه ، ولا إشكال في أنّ لازم هذا عموم معنى الاقتضاء في عنوان المسألة.
ويمكن أن يكون الاقتضاء هو التلازم غير البيّن الذي لا يكون من الدلالات اللّفظيّة بل اقتضاء عقلي.
فهل المراد منه معناه الفلسفي وهو « أنّ الضدّين أمران وجوديان بينهما غاية التباعد » أو المراد منه معناه اللغوي فيعمّ النقيض الفلسفي أيضاً؟ الصحيح هو الثاني لأنّ من فروعات المسألة هو البحث عن الضدّ العامّ وهو أمر عدمي ويكون نقيضاً للفعل المأمور به بمعناه الفلسفي.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الكلام في ما نحن فيه يقع في مقامين :
المقام الأوّل : في الضدّ العام وهو ترك المأمور به.